للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ثم ثنى بقوله: {أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا} فوصف ما بثه من قدرته في البر والبحر مما به مساك الأرض، وختمه بقوله: {أَءلَهٌ مَعَ اللَّهِ}، أي: أمع اله من يفعل مثل فعله؟ ! {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} ما لهم في عبادة الله وإخلاصها، و [ما] عليهم في إشراك غيره فيها، أي: لو علموا ما تنتهي إليه عواقب هذين لما عدلوا عما هو أنفع لهم إلى ما هو لهم أضر.

ثم ثلث بقوله: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ}، ذكرهم بما لا يكاد يخلو منه أحدٌ إذا دفع إلى شدةٍ أن يضطر إلى الانقطاع إلى الله تعالى، وقوله: {وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ} موضعٌ ينسى فيه الإنسان سالف شدته براهن نعمته، ففصل بقوله: {قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ}، أي: ما تذكرون ما مر من دهركم من بلائكم وشروركم.

ثم ربع بقوله: {أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ}، أي: من ينجيكم بهدايته وما نصب لكم من آياته بالنجوم التي تعولون عليها في البحر والبر إذا لم تهتدوا في الظلمات؟ ولما كانت هدايته في البحر وتسييره الجواري بالريح، ضم إليه الريح الأخرى المبشرة بالقطر، فلما ختم الآية التي هي في معناها بقوله: {ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ} [الأنعام: ٦٤] ختم هذه بقوله: {تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ}، لأن المذكورين في هذه الآية المذكورون في تلك.

وأما قوله: {أَمَّنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} فكالخاتمة والتتميم للسوابق، ولذلك ضم مع قوله: {أَءِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ}، أي: من يعدل رب العالمين الذي هذا شأنه؟ هلموا برهانكم وما يظهر في النفوس أن ما يقولونه حقٌ، وأن ما عداه باطل.

<<  <  ج: ص:  >  >>