للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حتى يوازن بينه وبين من هو خالق كل خير ومالكه، وإنما هو إلزام لهم وتبكيت وتهكم بحالهم، وذلك أنهم آثروا عبادة الأصنام على عبادة الله، ولا يؤثر عاقل شيئا على شيء إلا لداع يدعوه إلى إيثاره من زيادة خير ومنفعة، فقيل لهم، مع العلم بأنه لا خير فيما آثروه، وأنهم لم يؤثروه لزيادة الخير ولكن هوى وعبثا، لينبهوا على الخطإ المفرط والجهل المورط وإضلالهم التمييز ونبذهم المعقول وليعلموا أنّ الإيثار يجب أن يكون للخير الزائد. ونحوه ما حكاه عن فرعون: (أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ) [الزخرف: ٥٢] مع علمه أنه ليس لموسى مثل أنهاره التي كانت تجرى تحته. ثم عدّد سبحانه الخيرات والمنافع التي هي آثار رحمته وفضله، كما عدّدها في موضع آخر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فقد بان ووضح أن كل خاتمةٍ لائقةٌ بمكانها. هذا تلخيص كلامه.

الأساس: نعمة الله راهنةٌ: دائمةٌ، وهذا الشيء راهنٌ لك: معدٌ، وطعامٌ راهنٌ.

قوله: (والجهل المورط)، الأساس: ورطه، وتورطت الماشية: وقعت في موحلٍ، ومكان لا يتخلص منه، وتورط فلانٌ ببليةٍ، وورطه فيها، وأورطه شر مورطٍ.

قوله: (ونحوه ما حكاه عن فرعون)، وهو: {قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ (٥١) أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ} [الزخرف: ٥١، ٥٢]، فإن اللعين لما عد ما عد مما اختص به، وقد علم أن موسى عليه السلام لم يكن عنده من ذلك شيءٌ قال: {أَمْ أَنَا خَيْرٌ} للتبكيت والتهكم، يعني: ثبت عندكم واستقر أني خيرٌ مع هذه المملكة البسيطة من هذا الضعيف الحقير الذي ليس له شيءٌ منها.

قوله: (ثم عدد سبحانه وتعالى الخيرات والمنافع)، يعني: في قوله: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ} [الروم: ٤٠].

والحاصل أن هذا الأسلوب من إنكار الشيء ونفيه على وجه يعرف به الخصم،

<<  <  ج: ص:  >  >>