للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(قَراراً) دحاها وسوّاها بالاستقرار عليها (حَاجِزاً) كقوله: برزخا.

[(أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ)].

الضرورة: الحالة المحوجة إلى اللجأ. والاضطرار: افتعال منها. يقال: اضطرّه إلى كذا. والفاعل والمفعول: مضطر. والمضطر الذي أحوجه مرض أو فقر أو نازلة من نوازل الدهر إلى اللجإ والتضرع إلى الله. وعن ابن عباس رضي الله عنهما: هو المجهود. وعن السدّي: الذي لا حول له ولا قوة. وقيل: المذنب إذا استغفر. فإن قلت: قد عم المضطرين بقوله: (يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

غيره، وأنها دالةٌ على التوحيد، ونفي الضد والند، كان حكم الثاني حكم الأول، فيصح الإبدال، ولا ينبغي أن يعتبر مفرداتهما في الإبدال لعدم استقامة المعنى.

ومما يؤيد أن الإبدال من المعنى تذييل الآيتين بقوله: {أَءلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ}، وأن الثاني بيانٌ للأول تجهيلهم بقوله: {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [النمل: ٦١]، أي: جاهلون في أن يعدلوا به غيره، أي: يسوون به غيره، أو يعدلون عن الحق الذي هو التوحيد، ولأن الآثار السفلية أظهر من الآثار العلوية، وأقرب خطوًا عند الأغنياء، ولأن الدلائل كلما كانت أسهل مأخذًا كان أبين وأوضح، فصح إبدال الثانية من الأولى، والله أعلم.

قوله: ({قَرَارًا}: دحاها وسواها للاستقرار)، وقال القاضي: المعنى: بإبداء بعضها من الماء، وتسويتها بحيث يتأتى استقرار الإنسان والدواب عليها.

قوله: (قد عم المضطرين بقوله: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ})، يريد أن المضطر من لزته الضرورة إلى اللجأ إلى الله تعالى، وقد حكي بلام الاستغراق فيفيد العموم، وقد يوجد الدعاء من المضطر والإجابة متخلفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>