(بل آأدرك)، بألف بينهما. (بل أدرك) بالتخفيف والنقل. (بل ادّرك) بفتح اللام وتشديد الدال. وأصله: بل أدَّرك؟ على الاستفهام. (بلى أدرك)، (بلى أأدرك)، (أم تدارك)، (أم أدرك) فهذه ثنتا عشرة قراءة. و (ادّارك): أصله تدارك، فأدغمت التاء في الدال. وادّرك: افتعل. ومعنى أدرك علمهم: انتهى وتكامل. (ادّارَكَ) تتابع واستحكم. وهو على وجهين، أحدهما: أن أسباب استحكام العلم وتكامله بأن القيامة كائنة لا ريب فيها، قد حصلت لهم ومكنوا من معرفته، وهم شاكون جاهلون، وهو قوله:(بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْها بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ): يريد المشركين ممن في السماوات والأرض، لأنهم لما كانوا في جملتهم نسب فعلهم إلى الجميع، كما يقال:
إزالةً لالتقاء الساكنين، وعدولًا إلى الفتحة لخفتها كما روينا عن قطرب: أن منهم من يقول: {قُمِ اللَّيْلَ}، وبع الثوب.
وأما "بل آدرك" فإن "بل" استئنافٌ، وما بعدها استفهامٌ، كما تقول: أزيدٌ عندك؟ بل أجعفرٌ عندك؟ تركًا للأول إلى غيره لا تراجعًا عنه.
وأما "بلى" فكأنه جوابٌ، وذلك أنه لما قال:{قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} فكأن قائلًا قال: ما الأمر كذلك، فقيل له:"بلى"، ثم استؤنف فقيل:"آدرك علمهم في الآخرة".
قوله:(يريد المشركين ممن في السماوات)، يعني: الضمائر في قوله: {عِلْمُهُمْ}، {بَلْ هُمْ}، و {هُمْ مِنْهَا عَمُونَ}[النمل: ٦٦] للمشركين، وكلها راجعةٌ إلى قوله:{مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}[النمل: ٦٥] وفيهما المؤمنون، لكن لما كان المشركون في جملتهم نسب فعلهم إلى الجميع.