لم تلحق علامة التأنيث بفعل العاقبة، لأنّ تأنيثها غير حقيقي، ولأنّ المعنى: كيف كان آخر أمرهم؟ وأراد بالمجرمين: الكافرين، وإنما عبر عن الكفر الإجرام ليكون لطفا للمسلمين في ترك الجرائم وتخوّف عاقبتها ألا ترى إلى قوله:(فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ)[الشمس: ١٤] وقوله: (مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا)[نوح: ٢٥]. (وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ) لأنهم لم يتبعوك، ولم يسلموا فيسلموا وهم قومه قريش، كقوله تعالى:(فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً)[الكهف: ٦]. (فِي ضَيْقٍ) في حرج صدر من مكرهم وكيدهم لك، ولا تبال بذلك فإن الله يعصمك من الناس. يقال: ضاق الشيء ضيقا وضيقا، بالفتح والكسر. وقد قرئ بهما. والضيق أيضا: تخفيف الضيق. قال الله تعالى:(ضَيِّقاً حَرَجاً)[الأنعام: ١٢٥] قرئ مخففا ومثقلا،
وقلت: هذا تلخيص المعنى، لأجل التركيب، لأن "اتخذ" يقتضي مفعولًا ثانيًا كما في قوله تعالى: {وَلَا تَتَّخِذُوا آَيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا}[البقرة: ٢٣١]، فالتقدير دل على أن اتخاذ البعث أصلًا هو الذي يعتمد في الكلام، أي: الذي قصد في الكلام جعل البعث أصلًا ومقدمًا، ويعضده قوله: إن المقدم هو الغرض المعتمد بالذكر.
قوله:(ضيقًا وضيقًا، بالفتح والكسر)، ابن كثير: بالكسر، والباقون: بفتحها.