قال أبو عبيدة:"مجازها: "قد أتى على الإنسان" وليس باستفهام.
قوله:(بدليل قوله: {إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ})، يعني: تقرر أن الاسم المعرف باللام، إذا أعيد كان الثاني عين الأول، فحين أُعيد {الْإِنسَانَ} وبيَّن بأن المراد بالإنسان الجنس، لقوله:{إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ}، عُلِمَ أن السابق كذلك. وإنما أراد بذلك الرد على من ذهب إلى أن المراد بالإنسان آدم عليه السلام، كالواحدي وغيره. ولعل نظرهم إلى قوله:{مِن نُّطْفَةٍ}؛ فإن آدم لم يُخلق منها.
والجواب أنه من باب التغليب، أو من قوله:{وَيَقُولُ الْإِنسَانُ أَءِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا (أَوَ لَا يَذْكُرُ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا}[مريم: ٦٦ - ٦٧]. قال: "فإن قلت: لِمَ جازت إرادة الأناسي كلهم، وكلهم غير قائلين ذلك؟ قلت: لما كانت هذه المقالة موجودة فيمن هو من جنسهم، صح إسناده إلى جميعهم". وعليه النظم؛ فإن {الْإِنسَانَ} الثاني مُظهر وضع موضع المضمر لإفادة الترقي، أي كان الشيء المنسي الذي لا يُلتفت إليه ولا يُذكر، فإنا قلبناه في الأطوار المتباينة والأحوال المُتخالفة، وجعلناه مما يذكر فيه ويعتبر، حيث