(حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ) طائفة من الزمن الطويل الممتد.
فإن قلت: ما محل (لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا)؟ قلت: محله النصب على الحال من الإنسان، كأنه قيل: هل أتى عليه حين من الدهر غير مذكور. أو الرفع على الوصف ل- (حِينٍ)، كقوله:(يَوْمًا لاَّ يَجْزِي والِدٌ عَن ولَدِهِ)[لقمان: ٣٣]،
جعلناه محلاً للمعرفة والعبادة، {سَمِيعًا بَصِيرًا}. ثم فصله بقوله:{إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا}، وبين افتراقهم بقوله:{إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ}، وقوله:{إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ}، ففيه جمع وتقسيم وتفريق.
قوله:({حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ}: طائفة من الزمن الطويل الممتد)، الراغب: الدهر في الأصل اسم لمدة العالم من مبدأ وجوده إلى انقضائه، وعلى ذلك قوله عز وجل:{هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ}، ثم يعبر عن كل مدة، وهو خلاف الزمان، فإنه يقع على [المدة] القليلة والكثيرة. ودهر فلان: مُدة حياته. وما روي في الحديث:"لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر"، قيل: معناه أن الله فاعل ما يضاف إلى الدهر، فإذا سببتم الذي تعتقدون أنه فاعل ذلك فقد سببتموه. وقيل: الدهر الثاني في الخبر غير الأول، وإنما هو مصدر بمعنى الفاعل، أي أن الله هو الداهر، أي: المصرف المدبر والمقيض لما يحدث، والأول أظهر".
قوله:(أو الرفع على الوصف لـ {حِينٌ})، والراجع محذوف، أي: لم يكن فيه شيئاً، كما أن تقدير الآية: لا يجزي فيه.