أقول: فلا يصلح أن يكون منصوباً للذب إلا قليل من العلماء, فينظر ذلك العالم المتبحر إلى الفلسفة نظره إلى وجه العدو, ويمس كتبها مس الجيفة القذرة.
قال الغزالي في رسالة المنقذ من الضلال: ولعمري لما غلب على أكثر الخلق ظنهم بأنفسهم كمال الفضل والحذاقة والبراعة في تمييز الحق عن الضلالة, وجب حسم الباب في زجر الكافة عن مطالعة كتب أهل الضلالة ما أمكن, انتهى.
ثم اعلم أن علة حرمة الاشتعال بالسحر الاحتياط كما صرح به صاحب الكشاف, فكذا علة حرمة تعلم الفلسفة وتعلم كل حرام.
ولذا قال صاحب الكشاف: كتعلم الفلسفة التي لا يؤمن أن تجر إلى الغواية, وفي المثل: من يستمع يخل.
قال في شرح المواقف: إن الجاحظ الذي هو من رؤساء المعتزلة كان من البلغاء, قد طالع كتب الفلاسفة, ولخص منها عقائد زائفة, لأن الإسماعيلية المسماة بالقرامطة الذين هم أخبث الفرق الضالة خلطوا كلامهم بكلام الفلاسفة قصداً إلى إبطال الشريعة بالتأويلات الباطلة وتفلسفوا ولم يزالوا مستهزئين بالنواميس الدينية والأمور الشرعية, انتهى.
أقول: ولقد رأيت وسمعت من العلماء المعاصرين المنتسبين إلى الدين من يتأذى بذم الفلسفة والفلاسفة, وهذا أقوى دليل على تفلسفهم