شرحها الأكملي، لكن لا يستأهل للإطلاع عليها إلا من برع في أصول الفقه. وفن الفقه أصعب الفنون وأطولها. وهو علم الأئمة المجتهدين وأغلب ما يحتاج إليه العاملون، بحر لجي، لا يغوص فيه إلا ذكر أوحدي ماهر في أصوله، ولا تحصل البضاعة فيه إلا بسعي بليغ في مدة مديدة بهمة عالية، بدراسة مثل كتاب الهداية مع شرحها الأكملي. وأما التبحر فيه، فهو يكاد أن يستغرق العمر، وكاشف المشكلات فيه، فهو أعز من الكبريت الأحمر.
ولا تحصى مسائله التي تحير فيها العلماء. نقل أن مالكا رحمه الله تعالى، سئل عن أربعين مسألة في الفقه، فقال في ست وثلاثين لا أدري.
والعجب من بعض الطلبة أنه يهمل الاشتغال به زعما منه أنه هيم يتحصل بأدنى سعي، فإن كان زعمه هذا حين لم يطلع عليه أصلا فاعذروه، وإن بعد اطلاع ما فاعلموا أن العلوم كلها هين على أمثاله. ثم إن ما تضمنه مثل الهداية، فهو المسائل المعروفة التي يغلب وقوعها.