مثلًا لا يعرف حقيقته إلا من سكر، كما لا يعرف لذة الجماع بكل بيان من لم يجامع. وبالجملة إن علم التصوف ليس عين العلم اللدني ولا بعض أقسامه، بل تعبير عن بعض أقسامه، كما تعبر عن لذه الجماع حلاوة العسل، ثم إن معظم علم الباطن في الأنبياء ثم في الأمثل فالأمثل والله أعلم. [بـ]
" فصل "التاسع"
(هل علم الباطن يخالف علم الظاهر؟ )
قال في الإحياء: من قال إن الباطن يخالف الظاهر فهو إلى الكفر أقرب منه للإيمان، انتهى. يريد من الباطن ما ينكشف لعلماء الباطن من حل بعض الأشياء لهم، مع أن الشارع حرمه على عباده مطلقًا فيجب أن يقال: إنما انكشف حله لهم لما انكشف لهم من سبب خفي يحلله لهم.
وتحريم الشارع ذلك على عباده مقيد بانتفاء انكشاف السبب المحلل لهم، لكن الشارع حرمه على عباده على الإطلاق وترك ذلك القيد لندارة وقوعه، مثاله: انكشاف محلل خرق السفينة وقتل الغلام للخضر عليه السلام، فحل له بذلك الانكشاف (الخرق) والقتل. وحلهما له مخالف لإطلاق نهي النبي عليه السلام أمته عن الضرر وعن قتل الصبي، لكنهما