للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمدينة السلام؛ ولمّا جرى عليه ما جرى إنتقل ولده نصر الله إلى دمشق، وتأهل فأولد أبا الحسن هذا بدمشق.

وكانت ولادته يوم الرابع والعشرين من ربيع الأول سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة. وسمع الحديث بها كثيرًا من داود بن ملاعب، وأبي اليمن زيد بن الحسن الكندي وغيرهما. وعانى فن التصرّف والصناعة الحسابيّة، فبلغ في ذلك الغاية، وسافر إلى محروسة آمد، فتولّى النظر في ديوانها للملك المسعود مودود بن محمود بن أرتق بن سكمان.

/٥٦ أ/ أنشدني لنفسه بحلب، يمدح الملك المنصور إبراهيم بن شيركوه بن محمد -صاحب حمص- في كسرته الثانية للخوارزميّة: [من الرمل]

قد صفا الجوُّ وقد رقَّ النَّسيم ... وتبَّدى للرُّبى وجه وسيم

وكسا هامي الحيا عاري الثَّرى ... حللًا خضرًا لها الزَّهر رقوم

وبها ثغر الأقاحي باسمٌ ... جذلًا لمَّا انبرت تبكي الغيوم

وعيون النَّرجس الغضِّ إذا ... ما رنت يغضي لها الطَّرف السَّقيم

وخدود الورد قد أخجلها ... عندما قبَّلها الطَّلُّ السَّجوم

وغناء الطَّير في أفنانها ... وارتقاص الغصن إن هبَّ النَّسيم

فانتبه منتهبًا ما قد صفا ... لك من عيشٍ فما صفوٌ يدوم

واجتليها خمرةً ما خامرت ... سرَّ صاحٍ فسرت فيه الهموم

من يدي ظبيٍ ظبا ألحاظه ... أيُّ قلبٍ ما لها فيه كلوم

هو من جنَّة عدنٍ فاعجبوا ... كيف حلَّ القلب والقلب جحيم

بدر تمٍّ قد جلا شمس ضحًى ... من بنات الكرم يهواها الكريم

قهوةً راقت ورقَّت وصفت ... فهي كالرُّوح بها تحيا الجسوم

/٥٦ ب/ يا لها لمَّا علاها حببٌ ... من عروسٍ تاجها درٌّ نظيم

فإذا طاف بها تبدو لنا ... في الدُّجى شمسٌ وبدرٌ ونجوم

يدرأ الهمَّ إذا دار بها ... إنَّ خطب الهمِّ في الجسم جسيم

يا خليلي خلِّ قلبي والأسى ... إنَّ دائي في الهوى داءٌ قديم

وتباريح الجوى لي مألفٌ ... طالما أسهرني طرفٌ نؤوم

<<  <  ج: ص:  >  >>