للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا ماس حار الغصن منه وإن بدا ... أضرَّ بضوء البدر عند كماله

أهيم به وجدًا على القرب والنَّوى ... على صحَّةٍ من ودِّه واعتلاله

وأهجر هجر الحائمات لأنَّني ... رأيت ورود الموت دون بلاله

/٧٦ ب/ محا سحرٍ ذاك الطَّرف آية سلوتي ... وأسلبني عزِّي بذلِّ سؤاله

أعانقه حبًّا وأخشاه هيبةً ... لما بي من إجلاله وجماله

له في الرِّضا فتكٌ بصارم لحظه ... أعيذ حبيبًا سلمه كقتاله

خذوا بدمي يال الهوى وتطلَّبوا ... دمًا سفكته راشقات نباله

وأنكرتم أنَّ الشَّقيق بخدِّه ... أما هذه في الخدِّ نقطة خاله

سقى الغيث منهَّلَّ العزالي ربى الحمى ... بحوذان العذيب وصاله

ولا زال مخضلَّ الجوانب ممرعًا ... تمرُّ بنشر المسك ريح شماله

فكم غزلٍ أوردته في غزاله ... وكم رملٍ أنشدت بين رماله

أحبَّتنا ولَّى زمانِّي وحبُّكم ... مقيم يزول العمر دون زواله

هل الدَّهر يثني عوده من جميعكم ... على ذنفٍ واهي التَّجلُّد واله

يكتِّم شكوى الحبِّ إذ ليس راحمٌ ... ويجحده صونًا له بمقاله

وقالوا: سلا إذ كفَّ شاني وإنَّما ... أكفكف دمع العين خوف انهماله

وأنشدني لنفسه يرثي الأمير ناصر الدين أبا المكارم محمد بن قرطايا بن عبد الله الإربلي، وتوفى بحلب وذلك /٧٧ أ/ في سنة أربع وثلاثين وستمائة -رضي الله عنه-:

[من الطويل]

عتابي على ريب الزَّمان يطول ... وما الصَّبر عندي مذ فقدت جميل

وإنِّي لمحزونٌ عليك فقلَّما ... يبلُّ بفرط الحزن فيك غليل

أمحتجبًا بالتُّرب رهن يد البلى ... بديماس لحدٍ ما إليه سبيل

أجبني فقد ضاق الفضاء وغالني ... لفقدك من أيدي الحوادث غول

أتأذن لي بالشَّام أم يستقلُّ بي ... إلى وطني صفر اليدين رحيل

رجوتك أيَّام الحياة فكان لي ... إلى كلِّ فضلٍ من نداك وصول

<<  <  ج: ص:  >  >>