ثم تزوج المباركة خديجة ابنة الشيخ نعمان بن أبي منصور بن عثمان، شيخ تكريت، وأولد منها خمسة اولاد؛ فمات له ولد اسمه عبد الله في دمشق. كان سافر إليها في تجارة، ودفن بها فجزع عليه أبو عبد الله.
وكان في كل وقت يذكر لأخيه تاج الدين عزمه على ترك القضاء والتلبس به، ويطلب منه أن يعفيه عن ذلك، وكان يذكر له ما في الصبر على ذلك من ثواب الإنصاف والعدل، عن ذلك، وانقطع إلى المسجد الطلحي مشتغلاً بنفسه، منقطعًا عن مخالطة الناس؛ يصرف زمانه في طاعة الله –تعالى- وتصنيف العلوم، وغير ذلك.
وانحدر إلى مدينة السلام في أوقات إقامة أخيه تاج الدين بها مرارًا، ولقي بها جماعة من المشايخ والعلماء، وحج .... وولديه في شوال من سنة اثنتي عشرة وستمائة، /١٧١ أ/ وعاد إلى تكريت وأقام بمسجد من مساجدها يعرف بالطلحي، ولازم الإمامة به، واشتغل عليه جماعة من أهل تكريت، وعملوا بفتواه وأخذوا بقوله. وأقرأ القرىن وختم جماعة. وحدّث وسمع عليه من أهل تكريت ومن المجتازين بها.
وله مصنفات ومنظومات في أنواع من العلوم، وأجوبة عن مسائل وردت عليه. وعمّر في المسجد الطلحي عمارات كثيرة، وبنى في باطنه في الصحن الأول منه رواقات محيطة به، وأظهر الخير في المسجد المذكور، ورتَّب أحواله ترتيبًا جميلاً.
وانعكف جماعة من أهل الرأس الأسفل على الصلوات الخمس، وفي ليالي المواسم وإذا قدم متميّز أو واعظ حضر عنده، وجلس بالمسجد .... معه وأحسن إليه بما يقدر عليه؛ ومازال يقيم شعار الدين في هذا المسجد.
وهذا ذكر مصنفاته، منها: كتاب "ديوان الخطب" وهو مشتمل على خطب الجمع والأعياد والاستقاء والكسوف، وعلى فصول وأدعية وغير ذلك. وكتاب "نظم لباب الفقه" تأليف الإمام أبي القاسم أحمد بن محمد المحاملي –رحمة الله تعالى- سأله الشيخ أبو الحسن علي بن الدروي المقريء نظمخ فنظمه في سنة ثمانين وخمسمائة في نحو من اثني عشر ألف [بيت].