كان شيخًا فقيهًا حنفيًا صوفيًا، يعرف الأصول والخلاف، ويفهم النّحو والعربية.
رحل إلى مدينة السلام فولاه أمير المؤمنين المستنصر بالله تدريس المدرسة الجديدة التي أنشأها على دجلة، وجعلها على الأربعة المذاهب. يدرّس فيها فقه الإمام أبي حنيفة –رضي الله عنه- وذلك في رجب سنة إحدى وثلاثين وستمائة، ولم يزل يدرّس بها إلى أن مات يوم السبت سنة اثنتين وثلاثين وستمائة، ودفن بجانب الشرقي في مقابر أبي حنيفة؛ وهو أول من درس فيها الفقه على المذهب الحنفي.
وروى شيئًا من الحديث على الحافظ أبي بكر محمد بن موسى بن عثمان بن حازم الحازمي الحافظ، وغيره. وكان يقول شعرًا متوسطًا ينظمه في أغراض يتفق وقعها، أو أسباب مختلفة، وأحوبة كتب /٩٣ أ/ كانت ترد عليه من أصدقائه وأخوانه الذي يكاتبونه؛ ولم يكن من المسترفدين بالشعر، ولا صنعه لأجل جائزة أبدًا. وكان يتجول في الأقطار، ويخترق البلدان ويكثر الإقامة في المدن. أذهب جدَّة عمره في السفر. وكان كل مدينة ينزل بها يقبل عليه أماثلها وصدورها وأعيانها ويقربونه ويستفيدون منه ويكرمونه؛ فلذلك لا نجد في شعره إلاَّ مكاتبة كتاب ورد عليه من صديق أو .... به في سماع كان يحضر مع هؤلاء، فيقول على ذلك ... ز أما ما يقارن تلك الأجناس ويناسبها.
وله ديوان يدخل في جلد استفرغه في المعاني التي سبق ذكرها آنفًا. وكان متفننًا في كل فضل، فقيهًا حنفيّا نحويًا فاصلاً أصوليًا.
أنشدني أبو الثناء محمود بن فضل الله بن أحمد بن أسعد الهمذاني الصوفي، قال: أنشدوني أبو حفص عمر بن محمد الفرغاني لنفسه: [من الرجز]
يا صاحبي إلى م أتت صاحي ... من سكر هوى وسكر راح
لا تحل من الصَّبوح يومًا ... من خمر مراشف الصِّباح
/٩٣ ب/ العشق طريقه التَّرقي ... والسُّكر حقيقة الفلاح