وأهيف معسول المراشف خلته ... وفي وجنتيه للمدامة عاصر
/٢٠٤ أ/ يسيل إلى فيه اللَّذيذ مذاقه ... رحيقًا وقد مرَّت عليه الأعاصر
فيسكر منه عند ذاك قوامه .. فيهتزُّ تيها والعيون نواظر
كأن أمير النَّوم يهوى جفونه ... إذا هم رفعًا خالفته المحاجر
خلوت به من بعد ما نام أهله ... وقد غارت الجوزاء واللَّيل ساتر
فوسَّدته كفِّي وبات معانقي ... إلى أن بدا ضوءٌ من الصُّبح سافر
فقام يجرُّ البرد منه على تقى ... وقمت ولم تحلل لإثم مازر
كذلك أحلى الحبِّ ما كان مزجه ... عفاقًا ووصلاً لم تشتنه الجرائر
وقال أيضًا وأنشدنيه: [من الطويل]
وساحرة الاجفان معسولة اللُّمى ... مراشفها تهدي الشِّفاء من الظَّما
حنت لي قوسي حاجبيها وفوَّقت ... إلى كبدي من مقله العين أسهما
فواعجبًا من ريقها وهو طاهرٌ ... حلالٌ وقد أضحى عليَّ محرَّما
فإن كان خمرًا أين للخمر لونه ... ولذَّته مع أنني لم أذقهما
لها منزلٌ في ربع قلبي محلُّه ... مصونٌ به مذ أوطنته لها حمى
جرى حبُّها مرى حياتي فخالطت ... محبَّتها روحي ولحمي والدِّما
تقول إلى كم ترتضي العيش هكذا ... وقتنع أن تضح صحيحًا مسلمَّاً
/٢٠٤ ب/ فسر في بلاد الله واطَّلب الغنى ... تفز منجدًا إن شئت أو شئت متهما
فقلت لها: إنَّ الَّذي خلق الورى ... تكفل لي بالرِّزق منه وأنعما
وما ضرَّني أن كنت ربَّ فضائل ... وعلم عزيز النَّفس حرًا مكرَّما
إذا عدمت كفَّاي مالاً وثروةً ... وقد صنت نقسي أن أحلَّ وأحرما
(ولم أبتذل في خدمة العلم مهجتي ... لأخدم من لاقيت لكن لاخدما)
مضمن للقاضي أبي الحسن علي بن عبد العزيز الأرجاني، ومنها قوله يفتخر بابائه:
سألزم نفسي الصَّفح عن كل من جنى ... عليَّ وأغفو هفَّة وتحلُّما