وإن قلت: غصن البان يحي قوامها ... تجد خدَّها يزي على بانة النَّقا
وإن قست ... ريقها بمدامة ... مدحت إذا قست الرَّحيق المعتَّقا
يود نسيم المسك لو أنه حكى ... ترائب منها إذ تضوغ ومفرقا
لها مبسمٌ عذبٌ وعينٌ كحيلةٌ ... وخدٌ أسيلٌ فلًّ عزمي وفرقا
وجيدٌ يغير الظَّبي أبيض لونه ... وشعرٌ يعير اللَّيل عن شاء قرطقا
أتت تتهادى بين بيض نواعم ... يخمرن أطراف البنان من التُّقى
فحيَّيتها ثمَّ اشتكيت صبابتي ... إليها فقالت: هكذا من تعشَّقا
فقلت: ارحمي من ذاب وجدًا وبادري ... قتيل جوى غادرته في الهوى لقى
فقالت تجنَّب أن تزور فإنَّ لي ... أبًا غائرًا مازال يخشى ويتقَّى
ولا تلجن يومًا عليَّ فإنني ... أخاف إذا ما زرتني ان تمزَّقا
فعدت إلى الشَّكوى وأبديت ذلَّة ... وأسبلت دمعًا جاريًا مترقرقا
فرقَّت لما بي ثمَ قالت لصحبها ... أرى ذا الفتى في أسر حبِّي موثقًا
وأبرزت الوجه المنير وأصبحت ... على العاشق المسكين أحنى وأشفقا
/٢٠٧ أ/ وظت تجاذبني الحديث وإنني ... لأمنحها مني الوداد المروقا
وله قد رأى في عارضه شعرة بيضاء، وعمره يومئذ أحد [ى] وثلاثون سنة، وأنشدنيه: [من الطويل]
أليس بياض الافق في اللَّّيل مؤذناً ... بآخر عمر اللَّيل إذ هو أسفرا
كذاك سواد النَّبت يقرب بيسه ... إذا ما بدا وسط الرِّياض منوِّرا
وقال أيضًا وأنشدنيه: [من الكامل]
إحذر من إبن العمِّ فهو مصحَّف ... ومن القريب فإنَّما هو أحرف
فالقاف من قبر غدا لك صافرًا ... والزَّاء منه ردى لنفسك يخطف
والياء ياس دائمٌ من خيره ... والباء بعضٌ منه لا يتكلَّف
اقبل نصيحتي الَّتي أهديتها ... إنِّي بأبناء العمومة أعرف