للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان مولده في الاثنين تاسع شعبان سنة تسع وأربعين وخمسمائة. بقرية من القريا دمشق, تدعى زرع, وكان أصله من الكوفة. وتوفي بدمشق عيشة يوم الاثنين العشرين من ربيع الأول سنة ثلاثين وستمائة.

كان من الشعراء الشاميين وظروفهم, صاحب رويّة محبرّة, ويديهة محررّة, سخيف اللسان, قبيح الهجاء أغري بهجاء الناس, وتمزق أعراضهم, وهو ممن غلب هجاؤه على مدحه, قّل أن سلم أحد من الرؤساء والملوك وأرباب العلم والمناصب من لسانه, حتى لا يوجد من حفظ له إلا هجوُا جال في أقطار الأرض.

وسافر ما بين الشام وديار مصر والعراق وبلاد خراسان وما وراء النهر وغزنة, ومن بلاد الهند واليمن, ومدح أكثر بذلك مالُا جليلُا, وثروة واسعة.

ثم عاود دمشق, فلقد سلطانها الملك المعظم شرف الدين عيسى بن أبى بكر بن أيوب- رحمة الله تعالى- وزارته, فبقي فيها إلى أن توفي الملك المعظم.

حدثني الصاحب أبو البركات- رضي الله عنه- وساقية في تاريخه, وقال: صاحب الأبيات النادرة, والأحاجي السائر, والذكاء الخارق, والحسّ الصادق, والفطرة السليمة, والفكرة القومية, متى مدح رفع, ومتى هجا وضع, يتناقل الرواة بديعه في الهجاء, وإن وسم بها أعراض الصدور والكبراء, فبلغ من القلوب ما تبلغه المدام, وتخرق في الأغراض ما لاتخرقه السهام. وله مع ذلك يد طويلة, وقريحة

<<  <  ج: ص:  >  >>