/ ٢٦٨ ب/ مضى عمري وانقضت مدَّتي ... ولم يبق من ذاك إلا اليسير
كأنِّي بكم حاملين السَّرير ... لشخصي وناهيك ذاك السَّرير
يقلُّونه شرجعًا مثقلًا ... علومًا لجنبيه فيها صرير
إلى منزل ليس في ربعه ... أنيسٌ يساكنه أو نصير
سوى عملٍ صالحٍ بالتُّقى ... فنعم الأنيس ونعم الخفير
وقال لما فرغ من تحرير تفسير القرآن الذي ألّفه: [من الرمل]
أيُّها النَّاظر بعدي في كتابي ... مستفيدًا منه مرغوب الطِّلاب
قاطفًا منه ثمارًا سقيت ... باجتهادي ماء شيبي وشبابي
اهد لي منك دعاءً صالحًا ... واصلاٍ تحت أطباق التُّراب
[٧٣٩]
محمَّد بن يوسف بن الدّخوار، أبو عبد الله السكاكينيُّ.
من أهل حلب، كان أصله فارسيًا.
وكان شاعرًا ينتجع بشعره ويرتزق به، وكان فقيرًا مملقًا، شديد الفاقة، ذا عائلة، وعنده دينٌ وخير. وكان مع خيره/ ٢٦٩ أ/ ودينه بذيء اللسان، هجاءً شرِّيرًا، يتقى شره. وتوفي في سنة أربع وخمسين وستمائة.
أنشدني من نظمه أبو الوليد عبد الملك بن يوسف بن عبد الملك بن رستم ابن علي الديلمي الحلبي بها، في سنة أربعين وستمائة، قال: أنشدني ابن الدخوار لنفسه، يمدح السلطان الملك الظاهر غياث الدين غازي بن يوسف بن أيوب- صاحب قلعة حلب، رحمه الله تعالى-: [من البسيط]
يا آمل البان ما بالبان مذ بانوا ... أهل الحمى لك أوطار وأوطان
ولا مغاني الغواني بعد بعدهم ... يغني مغازلها منهنَّ غزلان
ففيم يصبيك ربعٌ لا أنيس به ... للصبِّ إلَّا صباباتٌ وأشجان
نعم هي الدَّار من نعمان لو جمعت ... نعمٌ نعمت بها يومًا ونعمان
وأين منك لياليها الَّتي سلفت ... وللصِّبا من قلوب العير أعوان
من كلِّ خودٍ رداحٍ في لواحظها ... أسياف فتكٍ لها الأجفان أجفان