واذكر له يوم بان السَّفح كم سفحت ... عيني من الدَّمع في خدِّي ترقرقه
وقد حدا بالنَّوى الحادي على مضض ... منِّي وزمَّت لوشك البين أينقه
وقل إذا لان في استعطافه وبدًا ... عند المقال له سمعٌ يصدِّقه
متى توفِّي ديون الوصل طالبها ... من بعد ما شاب بالهجران مفرقه
وقد تقضَّت حياتي بالمنى سفهًا ... وضاع عمري الَّذي قد كنت أنفقه
وما تدرَّعت ثوب الصَّبر في زمني ... إلا وكفُّ عواديه تمزُّقه
وأنشدني لنفسه أيضًا: [من البسيط]
لا تقلقن إذا نالتك نائبةٌ ... واصبر لمكروه ما أبدى لك القدر
فللَّيالي صروفٌ في تقلبها ... عجائبٌ ليس يأتي مثلها بشر
وما صفت هذه الدُّنيا لصاحبها ... إلاّ واعقب منها صفوها الكدر
فلا تكن جزعًا مما أصبت به ... فربَّ عسر أتى من بعده يسر
/١١ أ/ وربَّما أخفق السَّاعي بقدرته ... فيما يروم ووافى العاجز الظَّفر
أنشدني القاضي أبو السعادات محمد بن الحسن الشهرزوري لنفسه، يمدح بدر الدِّين لؤلؤ صاحب الموصل: [من البسيط]
هو المحبُّ حليف الهمِّ والفكر ... وما دهى قلبه شيءٌ سوى النَّظر
كم كان يحذر حتَّى حلَّ في شرك الـ ... ـبلوى ولم تغن عنه شدَّة الحذر
وصار ذا ذلَّة من بعد عزَّته ... دهرًا وبدِّل صفو العيش بالكدر
بالله يا هاجر المشتاق صل دنفًا ... قد باع طيب كرى الأجفان بالسَّهر
واستبق مقلته كيما يراك بها ... فلذة العين فيها غاية الوطر
وكل يوم جلت رؤياك ناظره ... فيه فذلك محسوبٌ من العمر
ولا تطع قول اش ظل يحسده ... عليك في حبِّه يا ضرَّة القمر
سلمت مما أقاسي من جوى وأسى ... تبيت بينهما روحي على خطر
إلى متى أنا ظمآنٌ إليك وما ... أروى بقربك في وردي وفي صدري
ألم يحط لك علمٌ أن لي وزرًا ... به أمنت صروف الدَّهر والغير
حلف النَّدى الملك بدر الدِّين من وسمت ... أيَّامه في جبين الدَّهر كالغرر
/١١ ب/ قالوا: هو البحر إن عدَّ الكرام وهم ... نهرٌ وكيف يقاس البحر بالنَّهر