أمّا الخليط نأى بقلبك عاجلاً ... وحنين قلبك زاده إعجالاً
جعلوا السُّها نصب المطيِّ وحجَّبوا ... في كلِّ سجفٍ للحدوج هلالا
/٢٨ أ/ فأذل دموعاً صنتها فلطالما ... أذرفت قلبك مدمعاً هطالا
وأجنح لترجيع الحمام فطالما ... بكت الهديل فأبكت الأطلالا
ما هذه في الربع أول وقفة ... المشتاق تهمل دمعه إهمالا
فاعص العواذل ما استطعت فقلَّما ... يدعى ملولاً من عصى العذَّالا
ومتى أضرَّبك الهوى فاجنح إلى ... ملك تصادف عنده الإحلالا
ملكٍ لو ادَّعت السَّماء تطاولاً ... بمكارمٍ لسما السَّماء وطالا
أسدٍ وما الأسد الهزبر وإنَّنا ... لنجلُّه عن مثله إجلالا
وأنشدني لنفسه أيضاً، مبدأ قصيدة: [من الرجز]
أشاقك البرق بتيماء ومض ... أم استباك السِّرب صبحًا إذ عرض
لا تبعثنَّ الطَّرف إثر غادر ... فربَّ رامٍ سهمه أخطا الغرض
ما من وفى بعهده ووعده ... دهراً لمن خان الحفاظ ونقض
وافه الوعد المطال فاستعر ... صبراً وإن عزَّ عليك فافترض
يا بأبي الناشد قلباً بالحمى ... ضلَّ ولمَّا يبغ عنه [من] عوض
كلَّفه حمل الهوى من كلف ... النَّاشط من عقاله حين نهض
/٢٨ ب/ بانوا فأي كبدٍ لم تستعر ... ناراً وأيٌّ دمع عينٍ لم يفض
وأنشدني أيضاً لنفسه من أخرى: [من البسيط]
نعم نعمت صباحاً أيُّها الطَّلل ... لأهلك الأهل إن حلُّو وإن رحلوا
سجيَّةٌ من كريم لا يغيِّره ... نأى الأحبَّة إن جاروا وإن عدلوا
ما لاح برقٌ ولا ناحت مطوَّقةٌ ... إلاَّ صدفت فلا ميلٌ ولا ملل
أعلِّل النَّفس والعذَّال تكثر من ... لومي وأني يفيد اللَّوم والعذل
واكتم الوجد وهو الدَّمع يفضحه ... كأن دمعي رقيبٌ حين ينهمل
يا صاحبيَّ أناةً بالمطيِّ ولو ... لوث الأزار فبي عن وخدها شغل
هل شيَّع الركب من دعواه صادقةٌ ... في الحبِّ أم كلُّهم للوجد منتحل
كلٌّ يلوم النَّوى يوم الفراق وما ... يجني التَّباعد إلاَّ الخيل والإبل