وكان قصير النفس في عمل الشعر لا طائل له في نظمه يعمل منه البيت والبيتين أو الثلاثة/ لم تكن بتلك القوة، ولا من رائق الشعر وجيّده.
ومما اشتهر من شعره، قوله وقد فارق الموصل متوجهًا إلى الشام، وانفصل عن خدمة الأمير مجاهد الدين قايماز بن عبد الله الزيني، وذلك في سنة سبع وثمانين وخمسمائة في ربيعها الأوّل عند حصار الجزيرة أتابك مسعود بن مودود بن زنكي بن آقسنقر، وأنفذها فقرئت على الأمير مجاهد الدين- رحمه الله تعالى- قالها في اقتضاء الحال: [من المنسرح].
يا راكبًا يقطع الفلاة ولا ... يلفته عن مراده سأم
عج بمحلِّ الندى ومن عمَّت الآ ... فاق من جود كفِّه ديم
إن ذكرت في الدّثجى مناقبه الـ ... ـغر أنارت من وصفها الظلم
مجاهد الدِّين من به أنحسرت ... عن البرايا الآفات والنِّقم
/٣١ أ/ وقل له أين خدمتي لك يا مولاي ... أين الحقوق والذِّمم
أين الَّذي شاع عنك من ... حفظك الودَّ [و] العهود والعصم
أين المواعيد بالعطاء وبا ... لإحسان أين السماح والكرم
تلك أحاديث الليل ذابت مع الشَّـ ... ـمس وذاك الميثاق منفصم
نسيت ما كان في الرِّباط من الأ ... يمان أم غال عهدها القدم
شاطرتني الملك بالوعود وإذ ... أنت ولا صاحب ولا حشم
فحيث عادت دنياك عدت عن الـ ... ـوعد وما هكذا جرى القسم
ومما ضمنه كتابه الملقَّب بالمثل السائر، قوله: [من مجزوء الرجز]
ثلاثة تنفي التَّرح ... كأس وكوب وقدح
ما ذبح الزِّق بها ... إلاَّ وللهمِّ ذبح
وهذا أنموذج من رسائله ما كتبه إلى الأصدقاء جوابًا وابتداءّ من مصر والشام /٣١ ب/ وغيرهما من البلاد بعد سفره من الموصل، فمن ذلك كتاب كتبه عن بعض.