للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بذنبها، وأجزي سيئات الأشواق، بأعمالها وأعطيها كتابها بشمالها:

[من الطويل]

وما أنا من أن يجمع الله بيننا ... كأحسن ما كنَّا عليه بايس

وقد علم أنَّه ليس للشوق زاد في ايام البعاد، إلاّ ما تهديه إليه اليد عن الفؤاد، وذلك هو الكتب التي في نجواها لقاء لمن شطَّت محلَّته، وفي قطرات أقلامها ريُّ لمن اضطرمت غلَّته، فليجمع شملي بشملنا إلى أن يقدّر الله جمع الشمل بأهلها، وليعلم أنها هدية تحل محل مرسلها، وتطوق الأعناق بمنّة موصلها. والله لا يخلي من خبره إلاّ بنظره، ولا من كتبه إلاّ بقربه، إن شاء الله تعالى ... والسلام".

ومن ذلك كتاب كتبه إلى بعض الإخوان جوابًا:

/٣٦ ب/ "وصل كتاب حضرة سيدنا، لا زالت أقلامه متنقلة من منبت أجم، إلى منبت حكم، ومن استسقاء قطر، إلى استسقاء بحر، ومن مجاورة ليث غاب، إلى مجاورة ليث خطاب. فأطرب إذا غرّب، وأزهر إذا أسفر، فعلمت أنَّ من البلاغة ألحانًا، ومن الكلام ورداً وريحانا.

ولقد غدوت من حسنه البديع في فصل ربيع، فكلما شاقتني سطوره قلت روض سنح، وكلما غنتني الفاظه قلت حمام صدح، وكلما سقتني معانيه قلت غدير طفح. فما أدري ما أصف، ولا عندما أقف، غير أنّي وجدته قد حوى أسرار البيان جزالة ولطفًا، وعرّف منها ما لم يألف البلغاء له عرفًا وأنسى ما تقدّم من أساليبها فعصف بها عصفًا، {ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا}.

وما أقول إلاّ أنه الآية الموسويّة التي أتت تقلب الأعيان، وتنقل العصا إلى صورة الثعبان، فلمثله تسجد سحرة الكلام، وتؤمن باية.

<<  <  ج: ص:  >  >>