قلمه التي تلقفت آيات الأقلام. وها أنا قد/٣٧ أ/ سجدت له، وإن لم أكن ساحراً بقلمي، لكنّي زدت به غرامًا، فسجدت له إعظامًا، وقد يسجد لحكمة البيان كما يسجد لحكم القرآن، ومما أعتده لنفسي فخاراً، واتخذه لفضلي مناراً، أنُّي إذا فاتتني مضاهاة مكانها فلم يفتني العلم بمزيّة إحسانها، والعلم بالفضيلة فضيلة، ومن لم ينل زهر الخميلة كفاه نظر الخميلة.
وقد أصدرت كتابي هذا جوابًا عن إصدار كتابه، لا جوابًا عن فصل خطابه، فإنَّ موازنة المداد بالمداد أيسر من موازنة الفؤاد بالفؤاد. وليس من أعمل يداً كمن أعمل فكراً، ومعادن القلوب كمعادن الأرض، تخرج تبراً وصفراً. فليرض مني بما عندي، ولا يكلفني فوق وجدي، فما كلّ هاتفة ورقاء، ولا كل ناظرة زرقاء: [من البسيط]
وإنَّما يبلغ الإنسان غايته ... ما كلُّ ماشية بالرَّحل شملال
ومن ألقى سلاحه فقد استسلم، ونصف العلم قول لا أعلم.
إن شاء سيدنا أن يجعل لساني خطيبًا، وخاطري قليبًا، فليتحفني /٣٧ ب/ بفضله كأسه، ولمّدني بشيء من أفواف قلمه وقرطاسه ..
والسم إن شاء الله تعالى".
كتاب كتبه إلى الملك المحسن يمين الدين أبي العباس أحمد بن يوسف بن أيوب يهنئه بالحج، وأرسله إليه عند عوده إلى دمشق. وهذا الكتاب جواب عن كتاب ورد منه:
"ورد الكتاب الكريم عن مجلس مولا [نا] الملك المحسن، قرنه الله بأصحاب اليمين، ورفعه إلى المقام الأمين، وجعله ممن صدق يقينه، وثقلت موازينه. وعلت يده وكلمته ودينه. ولا زال مستمسكًا في إخلاص عمله بالسبب الأقوى، آخذاً بأدب الذين آمنوا وتناجوا بالبرّ والتقوى.
فتأرَّجت أنفاس نجد من عنوانه، وجاءت بخزاماه حوذانه وحرَّكت/٣٨ أ/ إلى تلك الأرض كلَّ عزم فاتر، وأذكرت