كانت له عناية بسماع الحديث النبوي, وسمع من الكثير بنفسه, ولقي مشايخه ورجاله الذين كانوا يفدون إلى دمشق من الغرباء وأهلها. واستفاد منهم, واستكثر من الشيوخ حتى بلغت مشيخته ألف شيخ, وحصل من الفوائد شيئا عظيما. ولم يدخل دمشق طالب حديث أوشاعر أو أديب إلاّ ويجتهد في قضاء حوائجه, ويتعصّب له تعصبا تاما, ويثني على فضله عند الناس.
وهو مشكور الطريقة ببلده, فجزاه الله عن مروءته الخير ولمن كان فيه مروءة. وعنده فقه وأدب مقل من قول الشعر.
أنشدني لنفسه بدمشق سنة تسع وثلاثين وستمائة:[من الطويل]
خف الله في صبّ سلبت رقاده ... وابتلت بالبين المشتّ فؤاده
/٤٤ أ/ ووافيته ملقى على فرش الضّنى .. اسير غرام لا يفك قياده
يرى الفرض فرضا منك يا أحسن الورى ... وأنت ترى فرضا عليك بعاده
أنشدني لنفسه في غلام جميل الصورة حلاوي:[من السريع]
قل للحلاويّ على الّذي ... تحار ألباب الورى فيه
إنّ الّذي نأخذ من كفّه ... هو الّذي نجنيه من فيه
[٨٦٤]
نصر الله بن نصر الله, بن نصر الله, أبو الفتوح الهيتيّ (١).