للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعد: فقد وصل كتابه الذي كان برجا يطلع نيّري النظم والنثر، ودرجا يجمع جوهري الخطب والشعر، كلا علّقيه ثمين، وكلتا يديه يمين، وكلاهما بالثناء قمين، إن اغترست فرند وعرار، وإن اقتبست فمرخ وعفار، سعدان كلاهما في المراعي سعدان ووردان، هما للصادي صداوان وعينان تجريان كدجلة والفرات، وقينتان يغنيانبما يحيي الأموات، ويجمع بين العظام والرفات. لم أر قطّ مثله فظّا جلّه فوائد، بل كله فرائد. حروفه ظروف الظّرف، وسطوره جلاء الطّرف وصلي (١) العرف كالعقل كله / ٦٧ أ/ نور والعلم لا يحله زور فتاة لها صباحه، ومشكاة فيها نور مصباحه. يرتكض فيها بحر نشيط في بحر بسيط، ونثر يعترض منه نور عريض في روض أريض، فياله من سفر سافر، من بحر الأدب وبرّه، واسفر عن شمس الكرم وبدره، وصرصر فيها باز يبيض في العيّوقن ويفرّخ ببيض الأنوق، بل حاكه بحر من البحار، وحبر من الأحبار، وصدر من المصطفين الأخيار، يغترف من بحر أسخى من حاتم، ابائي (٢) من حنيف الحناتف، وينطق بلسان أجرى من السيل تحت الليل، وامضى من الترك فوق الخيل، وأحلى من الخمرة بزلال، وأصلى من الخمر في الاشتعال: [من الكامل]

وحديثها كارعد يسمعه ... راعي سنين تتابعت جدبا

فيصيخ مستمعا لدرّته ... ويقول من طرب هيا ربّا

وكان موقعه مني موقع عود الولد النّدب، بعد الغيبة، والجود إلى البلد الجدب عقيب الخيبة، وحل محل النّور في الأحداق، /٦٧ ب/ والشهدفي الأشداق، والنوم في الآماق، والوصل إثر الفراق.

<<  <  ج: ص:  >  >>