عبد الله الكاتب الخطَّاط الموصلىّ – صاحب الخط الحسن – على إبنته – رضى الله عنه –
وأبو الدر كان شاباً أشقر أبيض اللون، مشرباً بحمرة، جميلاً ذا منظر ورواء، ثابت
العقل، وافر الفضل، فيه فهم وفظاعة، وحياء ورزانة. اجتمع فيه العلم والدين، وحسن
السيرة واليقين، والعفاف والنزاهة، والمروءة والنباهة، ولم يعرف له منذ نشأ صبوة، وكتب
الخط الرائق الذى فاق به على أقرانه، لأنه كتب على حميد، وجود عليه، وتخَّرج به،
واقتبس منه أدباً وعلماً، وله فكر خارق فى حل التراجم، وحسن عبارة فى الإنشاء. وهو
من الكتاب الأفراد فى الكتابة، وله أشعار ورسائل.
سألته عن مولده، فقال: يكون تقديراً فى سنة تسعين وخمسمائة. وتوفى يوم
الجمعة سلخ ربيع الآخر سنة ثمان وثلاثين وستمائة بالموصل. ودفن غربى المدينة بمقبرة
الباب العمادى، فوق عين الكبريت بتربة كان حموه أنشأها لنفسه – رحمه / ١٧٦ أ / الله تعالى.
ومن شعره ما حدثنى بالموصل، ومن خطِّه نقلت، يقول ياقوت بن عبد الله
الأتابكى: الذى حدا الخادم على عمل هذه الأبيات، وإن لم يكن من أرباب الصناعات، أنَّ
الصدر الكبير الفاضل القاضى عزّ الدين القيلوى – حرس الله مجده – لمَّا وصل إلى
الموصل - خلد الله ملك مالكها – نشر من فضائل المجلس العالى العالمى الفاضلى كمال الدين، كمل الله شعادته، وبلغّه فى الدارين مناره وإرادته، ما يعجز، البليغ عن فهمه فضلاً عن أن يورده، لكن فضائل المجلس كانت
تملى على لسانه وتسعده، فطرب الخادم من استنشاق رياها،
واشتاق إلى رؤية حاويها عند اجتلاء محياها، فسمح عند ذلك الخاطر مع تبلده، بأبيات تخبر المجلس بمحَّبة الخادم له وتعبده.
ثم أنشدنى الأبيات وأنفذها إليه وهى: [من البسيط]
حيا نداك كمال الدَّين احيانا ... ونشر فضلك عن محياك حَّيانا
/١٧٦ ب/ وحسن اخلاقك اللَّاتى خصصت بها ... اهدت على البعدلى روحاً
وريحانا
حويت يا عمر المحمود سيرته ... خلقاً وخلقاً وإفضالاً وإحسانا