وصائم جاءني والكأس مترعة ... وسط النهار تحاكي جذوة النَّار
فقال لمَّا رآها في فمي: غربت: ... الله أكبر هذا وقت إفطاري
وأنشدني لنفسه يهجو:[من الطويل]
وقالوا: يري مسعود شخصك منكراً ... فأوضح لنا ما قاله ببيان
فقلت: صحيح ذاك مازال ظهره ... إلي فيا لله كيف يراني
[٩١٣]
يحي بن أبي بكر بن مكي، أبو زكريا الكاتب التميميُّ
من أهل بجَّانة من بلاد المغرب.
كان يكتب لبعض بني عبد المؤمن المستولين يومئذ على البلاد المغربية. وكان من الأفاضل في زمانه أدباً وكتابةً وقولاً للشعر، وحفظة للأشعار؛ ذا حظٍّ جزيل من علم اللغة والعربية.
حدثني /١٨٩ ب/ أبو محمد عبد الله بن أحمد بن يوسف الفرَّياني بحلب، قال: اتفق أن اجتمع جماعة من غلمان صاحب المغرب وخواصه يرمون بالنُّشاب فبينما هم في ذلك إذ أقبل الأمير حينئذ، ثم قصد القرطاس فأزاله من مكانة، ووضع يده عوضه، وقال للرماة: أيّكم أصاب يدي دفعت إليه ألف دينار فأشار إليه بعض الحاضرين، وقال: أعيذك أيها الأمير من السوء، هذا لا يمكن وإنما نجعل موضع يد الأمير الهدف ويرمى فأزال يده من ذلك فابتدر أحد الغلمان ورمى فأصاب الهدف الذي وضع، فدفع إليه الأمير ألف دينار، فقال أبو زكريا بديهاً في ذلك الوقت وكان حاضراً ذلك كلّه، وأنشدناه:[من البسيط]
يا خامس الخلفاء الرَّاشدين عسى ... شكواك تقبض في الأيدي وتفترض
علمتها البسط للجدوى لسائلها ... حتى من السَّهم يصمي ليس ينقبض
لم يقصد السَّهم إلاَّ كي يعرفنا ... هذا الإمام الذي في كفِّه الغرض