كان من الشرفاء الفضلاء الأعيان النبلاء، ولي نقابة الطالبين بالبصرة بعد أبيه مدَّة. وكان ذا معرفةٍ بالأدب والأنساب وأيام العرب وأشعارها. وكان شاعرًا مليح الشعر، رائق الكلام، حسن المقاصد. وكان على خاطره أكثر كتابة الأغاني ويذاكر به في محاضراته؛ لأنَّه كان كثير الاعتناء به.
ورد مدينة السلام وامتدح بها الإمام الناصر لدين الله أمير المؤمنين أبا العباس أحمد بن الحسن- رضوان الله عليه- وتوفي بها في ليلة الخميس ثالث عشر رمضان سنة ثلاث عشرة وستمائة، ودفن يوم الخميس بجانبها الغربي بمقابر الإمام/ ٢٤ أ/ موسى بن جعفر- عليه أفضل السلام-. وكانت ولادته بالبصرة في ربيع الأول سنة ثمان وأربعين وخمسمائة.
أنشدني أبو الحسن علي بن محمد بن صدقة الخفاجي البغدادي بها، قال: أنشدني نقيب البصرة أبو جعفر لنفسه يمدح الناصر لدين الله أبا العباس- رضوان الله عليه-: [من الوافر]
يلوم على محبَّتك العذول ... وليس للومه عندي قبول
فطوِّل في ملامك أو فقصِّر ... فإنِّي لست أسمع ما تقول
هوى عاشرته عشرين حولًا ... تصرُّمه للومك مستحيل
وكيف يطيق صبرًا عنك صبٌ ... يهيج غرامه ليلٌ طويل
وعينٌ في محاجرها دموعٌ ... وقلبٌ في جوانحه غليل
إذا جحد الحبيب هوى محبٍّ ... فإنَّ شهود لوعته عدول
أمارات الهوى وضحت عليه ... جواه والتَّوُّله والنُّحول
فيا من شيمتي ولهٌ عليه ... وشيمته التَّجنُّب والذُّهول
سأسلوا والمحبُّ له سلوٌّ ... إذا ما أفرط الحبُّ الملول