للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأيت من شعره يرثي أبا المعالي محمد بن عبد الواحد بن المهذَّب التنوخي، وكانت وفاته يوم السبت الثامن عشر من ربيع الآخر سنة خمس عشرة وستمائة:

[من الوافر]

لقد حطَّت عن الرُّتب العوالي ... وقد هدَّت شماريخ الجبال

/٢٩ أ/ وقد درست رباع المجد حتَّى ... عفت وغدت معالمها بوالي

وعادت بهجة الأيَّام جمعًا ... مسوَّدة الأسافل والأعالي

وأصبح خاليًا من كان مليًا ... وعاد معطًّلا ما كان حالي

وفاضت دمعة مقل العذارى ... وشبَّت لوعة مهج الرِّجال

فنو حوا يا بني الآمال وابكوا ... على الشَّيخ الجليل أبي المعالي

على شيخ المعرَّة والبرايا ... على زين الماثر والجلال

على أحلى الورى مرأى وأشهى ... إلى الظَّامي من الماء الزلال

فتى رام النهى مذ كان طفلاِّ ... ونال من العلا أوفى منال

فتى كبت المعاند والمعادي ... وساءهما بما سرَّ الموالي

أعدَّ لمن يعاديه وبالًا ... وعوَّد كفَّه بذل النَّوال

وساد النَّاس معروفًا وبرًّا ... وال إلى الفخار بغير ال

ومما ينسب إليه من ... أيضًا: [من الطويلٍ]

فؤادي عليكم لا على غيركم يحنو ... وطرفي إليكم لا إلى غيركم يرنو

وفي أضلعي نار يشبُّ وقودها ... سحاب له من أدمعي أبدًا هتن

/٢٩ ب/ وأرق أجفاني بكم قلق الحشا ... وليس يقرُّ القلب مذ أرق الجفن

فجفني جفاه النوم فيكم ومهجي ... لفرط نواكم للهوى أبدًا سفن

فيا ويح جسمي إذ تكلَّفه الظَّنى ... عليكم حوي قلبًا تكنَّفه الحزن

أحباي دار بنتم عن ربوعها ... جحيم ودار أنتم أهلها عدن

سقاها من الأنواء هاطل مزنها ... وجاد عليها الغيث إذ بخل المزن

إلى الله أشكو من أناس صحبتهم ... زمانًا فما أحنوا علييَّ ولا حنُّوا

ألفتهم والعيش غضٌّ وغضنه ... رطيب وفيهم قد ذوى ذلك الغصن

فمالوا إلى غيري وملُّوا تواصلي ... ومانوا مواعيدي وبالعود ما منُّوا

<<  <  ج: ص:  >  >>