وعادوا إلى العدوى عليَّ وبالنوى ... أعانوا على البلوى عليَّ وما عنُّوا
وحبل الوفا جذُّوا وحالوا عن الهوى ... وطرق النُّوى سنوا وخيل الجفا شنُّوا
فإن رمت أسلوهم فباعي ... ... وحالي به نقص وعزمي به وهن
ولكنَّني إن بنت عنهم بقالبي ... فقلبي لهم وقف وعندهم رهن
ألا قاتل الله اللَّيالي لقد قضت ... عليَّ بأسباب وأيسرها الغبن
وقد ملكتنى دولة الدَّهر للنوى ... ............ كأنِّي لها قنُّ
/٣٠ أ/ وقاتلتي بالبعد حتَّى كأنَّما ... عليَّ له ثأر وعندي له ضغن
أبا الفضل والرَّحمان إنِّي مغرم ... بكم ولرحى الشَّوق في كبدي طحن
علمتم بأنَّ الوجد عندي مخيِّم ... وللصبِّ عن قلبي لظعنكم ظعن
أما والَّذي يرمي الرِّكاب إلى مني ... ليطوي بها سهل المهامه والحزن
لقد ساءت الدُّنيا عليَّ لفقدكم ... وضاقت فكلُّ الأرض مع وسعها سجن
وعامرها بال وشامخها لقى ... ومؤنسها وحش ونيِّرها دجن
لك الله من ندب تفرد بالعلا ... فطاول ذا فنٍّ وما فاته فن
إذا نشرت بين الأنام صفاته ... فمن من العلا عمرو ومن في النَّدى معن
وإن حصروا أهل البلاغة والنُّهي ... جميعهم يومًا لديك فهم لكن
له في ازدحام الوفد نائل حاتم ... وليس له مطل وليس له منُّ
وفي معرك الأبطال إقدام عنتر ... وليس به نكل وليس به جبن
فإن جاد للعافين غير مماثل ... وإن جال في العادين ليس له قرن
فيوم الوغى في فيه تعتقر العدا ... ويوم النَّدى في حبِّه تعقر البدن
فقم واقعد الأعداء وأرق إلى العلا ... فأنت لها خل وأنت لها خدن
/٣٠ ب/ وأنت لها واف وكاف وكافل ... وأنت لها ركن وأنت لها حصن
فدم أبدا التعري من البؤس والأذى ... وتعزى إلى عليائك العزُّ والأمن
وتعزى بكسب الحمد والمجد والثنا ... وتعزى بك الأعداء والإنس والجنُّ
وتبقي على مرِّ الزَّمان مخلَّدًا ... وتنفى بك الأضغان والإفك والإفن