ما نلت في حبكم إلَّا أذى الوصب ... ولم يكن لي نصيب في سوى النَّصب
ولم ينل منكم قلبٌ أربَّ على ... هواكم بعض ما يرجو من الأرب
يا غادرين ولم أغدر وبعدهم ... وجائرين بلا جرم ولا سبب
كيف استحالت ولم آلت مودَّتكم ... صابًا وعهدي بها ضربًا من الضَّرب
ما كان أسرع ما ملتم إلى ملك ... كرعت منه كؤوس الحتف والعطب
كم بتُّ في غربة أبكي وتسعدني ... ورقٌ تنوح بأعلى البيان والغرب
يستحلب الدَّمع من عيني هوى لكم ... مقرُّه مهجتي يا ساكني حلب
جزأكم الله عنِّي الصَّالحات ولا ... غالتكم غائلات الدَّهر والنُّوب
كم قد سحبت ذيول اللَّهو بينكم ... والجوُّ محتجب الأرجاء بالسُّحب
/٥٩ أ/ وأنشدني أيضًا لنفسه يمدح الملك المعظم شرف الدين عيسى بن أبي بكر بن أيوب –صاحب دمشق-: [من الطويل]
موارد حبٍّ ما لهنَّ مصادر ... أوائله ليست لهنَّ أواخر
وأشواق مغرًى مغرم وبلا بلٌ ... مبلبلةٌ منه بهنَّ الخواطر
سفحن بأعلى السَّفح سحب دموعه ... فهنَّ هوام كالغيوث هوامر
فتى فتنته من عقيل عقائلٌ ... بواد بواد كالبدر بوادر
عواط كعين الرَّمل غير عواطل ... من الحسن أبكارٌ زواه زواهر
تظلٌّ بها منَّا العيون زوانيًا ... وهنَّ عفيفات الذُّيول حرائر
من الحور حارت في كمال جمالها ... وبهجتها أبصارنا والبصائر
مريضات أجفان صحيحات أعين ... بنا مرضٌ من حبِّها متواتر
أدارت علينا الخمر من لحظاتها ... فخامرنا داءٌ الغرام المخامر
وأبدت لنا لمَّا جعلنا معاجنا ... عليها شموسًا تحتويها محاجر
سمعنا بها لمَّا رأينا وجوهها ... فصغَّرت الأخبار عنَّا المخابر
/٥٩ ب/ وفي بطن نعمان الأراك نواعمٌ ... لهنَّ الظِّباء السَّانحات نظائر
سوال لحسن الصَّبر منَّا سوالبٌ ... نواف لطيب الغمض عنَّا نوافر
صواب إلى وصل الصُّدود صوابرٌ ... غواد إلى نقض العهود غوادر
دعانًا هواها فاغتدينا صواغيًا ... إليه ولبَّينا ونحن صواغر