ولما نهتنا العاذلات عن الهوى ... وقلنا أطع ما النَّاصحات أوامر
رجعن بغيض لا تغيض عيونه ... وهن خواس لم يطعن خواسر
وكيف التَّسلِّي عن غوال غوالبٍ ... هواهنَّ لي عمَّا يحاولن زاجر
رعابيب تبدو في الدُّجى ببراقعٍ ... فتخجل أقمار السَّماء السَّوافر
وأنشدني لنفسه: [من البسيط]
راحت على حلب الفيحاء تسقيها ... سحائبٌ مستهلَّاتٌ تروِّيها
حتَّى تسربلها من نبتها حللًا ... خضرًا تزخرف دانيها وقاصيها
فلست أنسى لياليها الَّتي سلفت ... ولا الزَّمان الَّذي قضَّيته فيها
أيَّام ارفل في أكنافها مرحًا ... نشوان ذا عيشة رَقًّت حواشيها
أمسي وأصبح مسرور الفؤاد بها ... مترَّفًا وافر اللَّذَّاتِ وافيها
/٦٠ أ/ وأنشدني لنفسه: [من الخفيف]
كنت أمشي مشي البعير إذا ما ... أنا حرَّكت ماشيًا أفخاذي
صرت أمشي مشي الأسير بقيديـ ... ـن إذا ما خطوت في ثقل حاذي
واللَّيالي إذا توالت على الفو ... لاذ فلَّت مضارب الفولاذ
وأنشدني قوله أيضًا: [من الكامل]
بعد القريب عليَّ حتَّى إنَّني ... قد صرت آخذ ما دنا بمراحل
فإذا نهضت نهضت نهضة عاجز ... متساند متساقط متحامل
وإذا تكلَّفت المسير تفصَّلت ... بالشيء في قطع اليسير مفاصلي
وأنشدني لنفسه: [من الطويل]
إذا أنت فاوضت الأحاديث صاحبًا ... وحقَّقت منه أنَّه ما تمعناها
فتلك أحاديثٌ تيقَّن بأنَّها ... لغفلته عن لفظه مات معناها
وأنشدني من شعره: [من السريع]
سئلت عن من جئته قاصدًا ... منه عطاياه فما نلتها
فقال ما أعطاك إذ جئته ... قلت يدٌ مدَّت فقبَّلتها
/٦٠ ب/ وأنشدني من مقطَّعاته: [من الوافر]