ما بال رسمك أيُّها الطَّللُ ... مثل وذكرك بيننا مثل
هل عند أهليك الَّذين نأوا ... عليم بمن لك بعدهم يسل
وقف الغرام بنا وما وقفوا ... وأقام فينا الوجد وارتحلوا
وتحمَّلوا فحملت بينهم ... فسقوا ولا سقيت لهم إبل
/٦٣ ب/ فلانت تقري النازلين أسى ... أبدًا فشكرك أدمعٌ هطل
سيَّان عندك من ونى ونأى ... بل إنَّما الأطلال تنتحل
وعلى الرَّكائب من بني ثُعَلٍ ... قمر بكحل السِّحر مكتحل
سرقت من الأتراك مقلته ... فتكًا فهنَّ خوادع قتل
ومن الغصون الهيف قامته ... لينًا فدان لقدِّه الأسل
ومن الدُّجى الوحفيِّ طرَّته ... لونًا فهنَّ غدائر جثل
ومن أبتسام الصُّبح غرَّته ... نورًا ففيها الحسن يشتعل
خضل النَّبات تظنُّه غصنًا ... غضُّ الشَّباب كأنَّه ثمل
لبس الحياء على بضاضته ... فهو النَّسيم وثوبه الخجل
يمشي فيعثر بالعيون حيًا ... ممَّا تحدِّث نحوه المقل
لي في رضاه وسخطه عجب ... للأمن في هذا وذا الوجل
وبهجره وبوصله عجبٌ ... الصَّاب في هذا وذا العسل
هذا نبيُّ الحسن آيته ... بخلاف ما جاءت به الرُّسل
يدعو القلوب إلى محبَّته ... بالحسن وهو الغيُّ والخطل
/٦٤ أ/ فالسُّقم ما قد سنَّ وافترضت ... ألحاظه لا العلم والعمل
إن كان ذا فتن الأنام فقد ... فتن الجهالة قبله هبل
لله ليلة زار مستترًا ... تحت الدُّجى واللَّيل منسدل
حيَّا فكدت من السُّرور به ... أقضي وإن لم يُقض لي أجل
فظللت والمحبوب في شغل ... ليلي وعند عواذلي شغل
أسقى على خدَّيه ريقته ... ونديمي التجميش والقبل
ولكنت ظمآنًا إلى فمه ... وأعلَّني فتداوت العلل
حتَّى تبدَّا الصبح تحسبه ... وجه المؤيَّد أمَّه النزل