يعقوب بن محمَّد بن أبي الحسن بن عيسى بن درباسٍ، أبو يوسف الموصلي.
قال الوزير الصاحب أبو البركات المبارك بن أحمد المستوفي –رضي الله عنه- في تاريخ إربل: وُلد أبو يوسف بالعمادية، ونشأ بالموصل ويكتب في نسبه الهذباني.
وكان أبوه من الناقلة إليها فأصله من قرية من قرى إربل تدعى رشدة. وأكثر أهله إلى الآن بها. وانتقل عمُّه عيسى بن أبي الحسن إلى الجزيرة العمريَّة، فحظى عند صاحبها، وأقام أبوه بالموصل جنديًا. وكان ديَّانًا صالحًا إلى أن توفي بها.
وكان أبو يوسف انقطع إلى شيخنا أبي الحرم مكي بن ريّان الماكسي –رحمه الله تعالى- فقرأ عليه القرآن، وأخذ عنه النحو واللغة. وكان أبوه ذا مال، وكان يحبّ منه أن لا يتعرض بالجنديَّة، وأن يقيم على الاشتغال بالعلم فأبى ذلك /٨٣ ب/ وخدم الأتابك عزَّ الدين أبا المظفَّر مسعود بن مودود زنكي مدةً يسيرة، ثم فارقه ووقع عند الإنتقال من الموصل والضرب في الأصل لطلب الرزق فكره منه ذلك أبوه وأصدقاؤه فغلب على آرائهم، فسافر عن الموصل وهو مختل الحال فاتصل بالأمير الكبير أبي منصور جركس بن عبد الله –رحمه الله تعالى- فوجده يقرأ طيبًا. ووصف له فضله فاختصَّه بخدمته، وأقام عنده وأثرى وحسنت حاله وصار ذا مالٍ كثير على ما كى عنه، وصار له بطريقة عند الملك العادل سيف الدين أبي بكر محمدً بن أيوب بن شاذي –رحمه الله تعالى- ووزيره ابن شكر المنزلة الرفيعة.
ثم توفي جركس في سنة ثمان وستمائة، فكتب إليّ أنَّه انقطع إلى ولده. وعمل على الوفاء لوالده، وأنَّ الملك العادل شرفه وأحسن إليه وردَّه مع ولد جركس إلى بلاده؛ فهو الآن مقيم بها حاكم في أعمالها، سلَّم غليه أمرُ صاحبها.