وقبِّل يمين الله إن جئت ركنها ... فما كلُّل صمّ في الحقيقة احجار
به أودع الرَّحمان ميثاق خلقه ... فيشهد من منهم أثيم ومن بار
فكم حسنات رفِّعت كلًّ لحظة ... لديه وحطت للمنيبين أوزار
وكم خالع ثوب المعاصي ولابس ... لديه ثياب النسك فهو الخزندار
تبارك منشي الخلق من غير حاجة ... يصرِّفهم منه قضاء واقدار
وأنشدني أيضًا لنفسه يرثي الملك العزيز عماد الدين أبا الفتح عثمان بن يوسف بن أيوب بن شاذي – صاحب الديار المصرية: [من الطويل]
أجل كلُّ خلق هالك وله أجل ... وإن هو أملي في الحياة له الأمل
/٩٠ أ/ فلا فرق ما بين الجهول وذي الحجى ... لدى الموت والرَّ عديد ذي الجبن والبطل
ويستخرج الحيتان من قعر زاخر ... ويستنزل الأوعال من شاهق الطَّلل
ليس بناء عنه ما طار فاعتلى ... ولا مفلت منه الذي غار فاستفل
سيدرك حتَّى الحوت والثُّور في الثَّرى ... ويصرع حتَّى النسر في الأفق والحمل
ولو لم يسوِّ الله في الموت خلقه ... وجل عن التَّقدير والشَّرط ما عدل
تفردَّ من دون الخلائق بالبقا ... وجلَّ جلالًا لن يزول ولم يزل
فمن قد أتى عمَّا قليل كمن مضى ... تشاب في التُّرب الأواخر بالأول
لقد طاح بالملك العزيز حمامه ... وكم ظن أن ما للحمام به قبل
واقفر منه الدست بعد امتلائه ... إذا حل فيه بالمهابة والجذل
واقفر منه سرج أجرد سابح ... يفوت وحيَّ البارقات على مهل
وعطَّل من كفيه سيف وذابل ... فيا صدأ الهنديِّ يا ظمأ الأسل
وكانت لديه بين مرعى ومشرع ... بها الريُّ من أعدائه ولها النَّهل
إذا أنت لم يعظم عليك مصابه ... فقف في بلاد المشركين له وسل
لقد فتكت منَّا المنايا بماجد ... جليل غدا من كلِّ معضلة أجل
/٩٠ ب/ بأجرأ يوم الحرب قلبا من الرَّدى ... وأنفع عام المحل كفًا من السًّبل