للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأعمالها واجتمعت به حين قدم إلى مراكش بعد وفاة السيد أبي يوسف، يعقوب بن يوسف، لمبايعة ولده محمد، وزرته في داره لعله وفضله، فرأيت شيخًا بهي المنظر، حسن المخبر، فصيح العبارة باللغتين، متمكنًا من البراعة والبلاغتين، بلغني أنه كان يملي على كاتبه الرسائل الصَّنيعة بغير توقف، وإذا عرض له أمر يحتاج إلى الخطابة اخترعه بلا تكلف، وكذلك يفعل في اللغة البربرية، إلا أنني لم أسمعه يتكلم إلا بالعربية.

فمن كلامه قوله في جواب رسالة إلى ملك السودان بغانة وأعمالها، ينكر عليه تعويق تجار، وردوا عليه من المغرب، قال لكاتبه: أجبه عن كتابه، واكتب إليه في اثنائه:

"نحن نتجاوز بالإحسان، وإن تخالفنا في ٣٦ أ/ الأديان، ونتفق على السيرة المرضية، ونتألف على الرفق بالرعية، ومعلوم أن العدل من لوازم الملوك، في حكم السياسة الفاضلة، والجور لا يعانيه إلا النفوس الشريرة الجاهلة.

وقد بلغنا احتباس مساكين التجار، ومنعهم من التصرف فيما هم بصدده، وتردد الجلابة إلى البلاد مفيد لسكانها، ومعين على التمكن من استيطانها، ولو شئنا لاحتبسنا [من] في جهاتنا من أهل تلك الناحية، ولكننا نستصعب فعله، ولا ينبغي لنا أن ننهى عن خلق ونأتي مثله. والسلام".

ووقع إلى عامل له، كثرت الشكاوي منه:

"قد كثرت فيك الأقوال وإغضائي عنك رجاء في أن تنصلح، فتنصلح الحال،

<<  <  ج: ص:  >  >>