للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبوي، وعني بسماع الآداب، فلازم الإمام أبا اليمن زيد بن الحسن الكندي، فقرأ عليه جملة من الأشعار، وضروب الأدب، وحفظ كتبًا من الكتب الشعرية، منها: الحماسة لأبي تمام، وديوان أبي /٧٣ أ/ الطيب المتنبي، وأدب الكاتب، حفظًا جيدًا، وغير ذلك.

وعانى نوع المنثور، وفن الكتابة، وترامى إليها، فأول من خدم من الملوك الملك الفائز، سابق الدين، إبراهيم بن الملك العادل سيف الدين أبي بكر بن أيوب، فكتب له الإنشاء، ثم قلده وزارته، فلما توفي الملك الفائز، جذبه الملك المعظم عيسى بن الملك العادل إليه، وقدمه وعظم قدره، وقربه، وأضاف الملك الناصر داود ابنه إليه، وأقره على ما كان، وسافر معه إلى مدينة إربل، فبقي في خدمته مدة متطاولة، ثم سخط عليه الملك الناصر صلاح الدين داود، وصرفه عن خدمته، ففارقه، ونزل دمشق، فكتب ناصحًا، فتقبله الملك الصالح عماد الدين أبو الفدا إسماعيل، وجعله منشئًا في ديوانه، و [كان] مع ذلك ينسخ الكتب للملك الأشرف موسى شاه أرمن بالجراية والجامكية الدَّارَّة، وهو اليوم أقوم أهل زمانه بصناعة الكتابة الإنشائية، وأعرفهم بإنشاء الرسائل والتقليدات، والتقييدات، وأحسنهم خطًا وعبارة، وأسرعهم قلمًا ولسانًا لائق الكتابة، كأن الله قد خلق يده لها، وربما كتب في يوم واحد /٧٣ ب/ عدة من الكتب الإنشائية، في أصناف مختلفة متفرقة، مما يعجز عن ذلك غيره من الكتاب المترسلين، ومع ذلك فله الباع الطويل في حل التراجم، وفتح مشكلاتها، وقدره شديدة في استخرجها.

أنشدني لنفسه يمدح الملك الصالح أبا الفدا إسماعيل بن الملك العادل سيف الدين ابي بكر بن أيوب، مهنئًا له بقدوم أخيه الملك الأشرف شاه أرمن من مصر، وقد استدعاه ليلًا، ولم يكن عنده أحد على مجلس الشراب، فأجلسه إلى جنبه، فأنشده هذه القصيدة فأعجبته: [من الطويل]

<<  <  ج: ص:  >  >>