للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سئمت نفسه التقاضي بما لو علم أنَّ حاله تقف عنده، وتنتهي إليه لمات همَّا، واعتبط غيظًا وغمًا: [من الرجز]

/ ١١٩ أ/ لو كانت الأحلام ناجيتي بما ... ألقاه يقظانًا لأصماني الرَّدى

منزلة ما خلتها يرضى بها ... لنفسه ذو أرب ولا حجا

والمملوك في بعض أواله يحمل أموره على المقادير، وينتظر الفرج بالصَّبر، ويتَّخذ هذا نوعًا من العبادة، فلا يفيده ألا يقضي عمره، ودنو أجله، ويرى قومًا ليس لهم ماله من الحقوق السَّالفة والآنفة، وقد بلغوا من الأماني سماها، ومن الدَّرجات أعلاها، فيقطع نفسه أسفًا وحزنًا، ويموت حرقًا وغبنًا، ولا تسامحه نفسه بتجرع كاس الصَّبر، على معاندة الدَّهر، وقد عوَّل على الأخذ ببيت [بنت] عمرو بن الشَّريد، أعني الخنساء في قولها: [من المتقارب]

سأحمل نفسي على غاية ... فإمّا عليها ومَّا لها

ولقد وَّبخته نفسه منذ ليال على الإخلاد إلى الهوينا، والرِّضا بهذه الحال الحقيرة، فانشدها:

لو درت فوق الفلك الدَّوَّار لم ... تزدد نقيرًا فوق ما الله رزق

فأجابت بقول الطائي: [من الخفيف]

/ ١١٩ ب/ من أبنَّ البيوت أصبح في ثو ... ب من العيش ليس بالفضفاض

والفتى من تعرَّقته الفيافي ... واللَّيالي كالحيَّة النَّضناض

فأجابها بقول الآخر: [من الرجز]

الرِّزق يأتيك وإن لم تطلبه ... مالك من رزقك إلاَّ تعبه

فأجابته بقول الطّائي: [من الطويل]

<<  <  ج: ص:  >  >>