ولكنَّني صاحبت قوما أفاضلًا ... بهم يقتدى في كلِّ عقد وفي حلِّ
فأجهدت نفسي في اقتباس علومهم ... لعلي أنجي النَّفس من ورطة الجهل
فمن رام مِّني غير هذا فإنَّه ... كطالب خفض العيش في زمن المحل
عبد الرَّحمن بن أبي بكر بن يوسف بن بختيار، أبو سليمان البلخي والدًا، الكرخيني مولدًا ومنشًا:
اعتنى بعلم الحديث وسماعه، فتوجه إلى مدينة السلام سنة أربع عشرة وستمائة، فسمع على مشايخها كثيرًا، وحصل منه جملة، وكان متعلقًا بخدمة بعض أمراء إربل، فارتحل أستاذه إلى مرت منولاية إربل، وهو في صحبته، فبقي بها مدة إلى شوال سنة إحدى وعشرين وستمائة. فحين جاء التتر –خذلهم الله تعالى- بنواحي إربل، فقتلوا خلقًا عظيمًا، وسبوا، فاستشهد في جملة من كان في ذلك الوقت، وذلك في التاريخ المذكور –رحمه الله تعالى-
أنشدني لنفسه بإربل من قصيدة أولها:
برح الخفاء وبان صبر الواله ... فإلى م قلبك لا يرقُّ لحاله؟
حمَّلته عبء الغرام وجرت في ... شرع الهوى وعدلت عن آماله
يا أيها الرَّشا الرَّشيق ومن به ... عذب العذاب وطاب مرُّ دلاله
عد بالوصال وعدِّ عن هجري وجد ... بالودِّ وارث لمدنف بخياله
حتى م تمنحني البعاد تعمُّداً ... ويظلُّ طرفك راشقي بنباله
وعلام تقتل عاشقًا هجر الكرى ... لمّا هجرت وصدَّ عن عذَّاله
يصفو إذا هبَّت صبًا فتزيده ... وصبًا فصبُّ الدَّمع أحسن حاله
ويشوقه مر النَّسيم إذا سرى ... عبقًا بنشر ربى العقيق وضاله
يا صاح عج بالظعن منعرج اللوى ... ورد العذيب سقيت عذب زلاله
واستعطف الرَّشأ الأغن لمغرمٍ ... ظامٍ إلى مارقَّ من سلساله
وأنشدني لنفسه في الخمر:
قم هاتها قهوةً تجلو دجى الظُّلم ... وسقِّنيها ولو في الأشهر الحرم