فتيمَّمت بكريم مقدمك العلا ... وفداك كلُّ مباينٍ خوَّار
قد كنت يا صدر الورى متأخِّراً ... من عارضٍ وضحت به أعذاري
فهو الَّذي منع الحضور وصدَّ عن ... ذاك الجناب الفاغم المعطار
ولقد ظمئت إلى اللِّقاء وهكذا ... الأشواق تنمى عند قرب الدَّار
ولو استطعت أطعت شوقي إنَّه ... شوقٌ يتوق إلى أجلٍّ مزار
لكنَّ ضعفي ظاهرٌ من وعكةٍ ... أرجو إزالتها بلطف الباري
والبرء قد وافى وتمَّ وإنَّه ... عند اللَّقاء يتمُّ باستمرار
ولقد عجبت من الزَّمان وكيف لم ... أر سائلاً عنِّي وعن أخباري
وتأخُّري من أعجب الأشياء لو ... لا ما بدأت به من الأخبار
ولي الهناء على الخصوص وسائر الـ ... جمهور أمنحهم من استبشاري
هذا الذي قد كنت آمله وقد ... نلت المنى ونهاية الأوطار
فبطالع السَّعد القدوم [مباركٌ] ... واسلم ودم في أسوغ الأعمار
وأنشدني الشيخ العالم، تاج الدين أبو طالب علي بن النجيب بن عثمان بن عبد الله البغدادي /٢٦٧ ب/ بها في سنة تسع وثلاثين وستمائة قال: أنشدني أبو الغنائم عبد السلام بن جعفر بن عبد الله [قال: أنشدني]، أبو محمد بن محمد التكريتي لنفسه من قصيدة يمدح بها المستنصر بالله –رحمه الله تعالى-: [من الكامل]
أبدي التجَّلُّد والضَّنى ما يستر ... وأروم كتمان الغرام ويظهر
وأظلُّ محنيَّ الضُّلوع على أسى ... ورسيس شوقٍ ناره تتسعَّر
وأحاول الصَّبر الجميل ومن يكن ... صبَّاً وحلف صبابة لا يصبر
وأسرُّ ما بي ثمّ أظهر ضدَّه ... جلداً وباعي في التجلد يقصر
وإذا ذكرت ليالياً سلفت لنا ... زمن الوصال يهيجني ما أذكر
ولطالما حلَّ السُّرور لنابهٍ ... فيها وماس بها الحبيب الأحور
وأباح فيها ما حمى من ريقه ... وهو السُّلاف البابليُّ المسكر
وثنى قواماً قام عذر محبِّه ... لمَّا غدا في حسنه يتبختر
واحوم حول حمى رضاه لعلَّه ... يوماً إليَّ بعين عطفٍ ينظر