للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بانوا فبان سروري معهم وسرى ... سار وأسرت بهم بزل النَّوى سحرا

لله ما ضمَّت الأكوار والسُّجف

لو كنت يوم استقلَّ الظَّاعنون معي ... لكنت تعجب من ذلّي ومن جزعي

حثُّو المطايا وسار القلب في التَّبع ... وما برحت أناديهم على طمع

من الجواب فما حنُّوا ولا عطفوا

رفقًا بصبٍّ يد الأسقام تهلكه ... يخفي الغرام وفيض الدَّمع يهتكه

يروم قربهم لو كان يملكه ... أريد من زمني ما لست أدركه

فما احتيالي ووجه الدَّهر منصرف؟

وأنشدني لنفسه يمدح المستنصر بالله- رذي الله عنه-: [من الكامل]

ما عذر من شرخ الشَّباب معينه ... وزمانه صافٍ لديه معينه

بادر إلى اللَّذات مادام المنى ... في بحر إقبالٍ تسير سفينه

وانهض إلى عيشٍ يمرُّ زمانه ... قصرًا فعيش المرء يبعد حينه

فالوقت يمضي لا يعود وكلُّ حـ ... يُّ سوف تعدمه الحياة منونه

وانهب من العمر القصير مسرَّة ... فالموت في طيِّ الزَّمان كمينه

في نهر من قد .. لي .. فعم ... فيه إذا عام فيه سفينه

سر فيه في سيَّارةٍ حيزومها ... يفري الفرات كفري ماء نونه

فالماء فضِّيُّ القميص تزرَّدت ... بعبير أنفاس الرِّياح متونه

وعلى الجوانب منه نبت بنفسجٍ ... والزَّهر زاهٍ في الرِّياض فنونه

والبان يرقص كلَّما هبَّ الصَّبا ... وتبوس ثغر الأرض منه غصونه

والطِّير بين مجاوبٍ لقرينه ... ومفارقٍ يدني الغرام حنينه

وترنُّم الدُّولاب يحكي عاشقًا ... لجَّ الغرام به فرقَّ أنينه

فالقلب منه كقلب مهجورٍ به ... قلقٌ وكالماء السحوح شؤونه

وأرقُّ من نوح المفارق نوحه ... وأصحُّ من كلِّ النَّشيد لحونه

مع أغيدٍ قد علَّمت هاروت سحـ ... ـرًا لا يحلّ مدى الزَّمان جفونه

يحكي سواد اللَّيل حالك فرعه ... طولًا ولونًا والهلال جبينه

<<  <  ج: ص:  >  >>