للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا استقر بك المكان وقابلت ... عيناك صاد فتى الجمال ونونه

وجلا همومك لينه ورواؤه ... ودعا الدَّعابة لطفه ومجونه

فاخلع إذا ثوب الوقار فخير من ... عقل الفتى عمَّا ذكرت جنونه

واقطف جنى لين الشَّباب فإنَّه ... إن عشت سوف يصير يبسًا لينه

واظنن برِّبك رحمةٌ فالعبد تنـ ... ـفعه لدى ربِّ العباد ظنونه

لا تيأسنَّ مع المتاب وصدقه ... من محو ذنبٍ فالإله ضمينه

وكذاك لا تجزع لعجم ملمَّةٍ ... فخليفة الله المكارم دينه

مولىً على ركني عطاءٍ واسعٍ ... وعموم عدلٍ في العباد ركونه

مولىً إذا ضنّ السَّحاب بقطره ... أغنت عن الغيث المغيث يمينه

لازال يرفل في ثياب سعادة ... ما سحَّ من دمع السَّحاب هتونه

دام الخليفة في الأنام خليفةً ... ما لازم القلب السَّليم وتينه

فدعاؤه فرضٌ عليَّ وواجبٌ ... أبدًا فلا زالت عليَّ ديونه

وأنشدني أيضًا لنفسه، وذلك بالمدرسة النظامية، في العشر الأواخر من جمادى الأولى سنة تسع وثلاثين وستمائة: [من البسيط]

لي فيك قلبٌ على وجدي يطاوعني ... وإن أردت سلوًا منك يعصيني

وعاذلٌ دأبه عذلي يؤنبني ... وعاذرٌ مستهام القلب يغريني

فالشَّوق والعذل قتلي في اجتماعهما ... بل واحدٌ منهما في ذاك يكفيني

فإن أمت فاجعلوا قبري على جدد الـ ... ـطَّريق كيما يمرُّوا بي فيبكوني

ووسِّدوا التُّرب خدِّي واكتبوا بدمي ... على الجوانب هذا قبر مسكين

قتيل شوقٍ أذاب الحبُّ مهجته ... كما يموت ويقضي كلُّ محزون

وإن أعش فحياةٌ غير طيّبة ... لا سيَّما وغريم العذل يؤذيني

دعني أجنُّ فعقل المرء يعقله ... ما لذَّة العيش إلَّا للمجانين

وقال وعظيّة وأنشدنيه: [من الكامل]

يا نفس أنت عن الرَّشاد بمعزل ... لا تبصري غير الممات وتغفلي

وتؤِّملي طول الحياة وهل سمعـ ... ـت بأنَّه طالت حياة مؤمِّل؟

غرَّتك من دنياك وهي غرورةٌ ... خدعٌ فبعت معجّلًا بمؤجَّل

<<  <  ج: ص:  >  >>