المدرس- أدام الله تأييده- بحلب في سنة أربعين وستمائة قال: أنشدني أبو محمد عبد العزيز بن محمد بن أبي الفضائل بن أبي البركات الفقيه الشافعي البغدادي الواعظ المعروف بابن الديناري لنفسه بحلب سنة اثنتين وعشرين وستمائة:
[من الطويل]
غزالٌ سباني فاتر الطَّرف أحور ... يقدُّ الردينيات بالقدِّ أسمر
إذا ما رنا أصمى الرَّميَّة لحظه ... وفي طرفه سيفٌ من اللَّحظ أبتر
وكم قتلت ألحاظه من متيَّمٍ ... يسلُّ عليه باللواحظ خنجر
وقد أمرضت جسمي مراض جفونه ... ومذ فترت سقمي بها ليس يفتر
بخدٍّ نقيٍّ كاللُّجين بياضه ... ومن فوقه وردٌ من الحسن أحمر
وثغرٌ هو الإغريض لا بل لآليءٌ ... منضدةٌ عند التَّبسُّم تبهر
ترى الدرَّ منظومًا إذا كان باسمًا ... ولكنَّه للدُّرِّ بالنُّطق ينثر
ونكهته المسك الذكيُّ تخالها ... بعيد الكرى بل مازج المسك عنبر
وريقته يشفي المتيَّم رشفها ... ورائقها عند الترشُّف يسكر
بأجفانه إمَّا دنا سحر بابلٍ ... ومن لفظه أو لحظه الصَّبُّ يسحر
إذا صدَّ الصَّبر عنّي بصدِّه ... ويهجرني طيف الكرى حين يهجر
وأنشدني أيضًا قال: أنشدني لنفسه: [من المتقارب]
حفظت العهود وضيَّعتم ... فأين الحفاظ وأين العهود؟
ففي القلب منكم جوىً ناره ... لها في الحشا مذ حللتم وقود
أأكتم ما بي من حبِّكم ... وقد خدِّدت بالدُّموع الخدود
وإن أنا أنبأت سرَّ الهوى ... فها زفرتي ودموعي شهود
وقد كنت قبل الهوى صابرًا ... جليدًا وفي الحبِّ يفنى الجليد
سقى الله نجدًا وأرض الحمى ... ملثًّا بتلك المغاني يجود
أحبُّ زرودًا وتلك الرُّبوع ... فكم جمعتنا قديمًا زرود
زكم قد سحبت برود الشَّباب ... بها فازهتني تلك البرود
وكان الشَّباب شفيعي ولي ... غدائر تسبي المحبِّين سود
فشبت وما شاب وجدي بكم .. وإن كنت شبت فحبي وليد