جلبابه، أبرَّبقوله على نظرائه وأضرابه, ذا عارضة في النظم شديدة, يتوصل بلطيف ذهنه
إلى الأغراض البعيدة, حسن المعاني أنيقها, حلو الألفاظ رشيقها, شعره في تهايتة
الحلاوة, ياوح عليه رونق الملاحة والطراوة.
وكان يتولى بمصر ديوان الخراج والحساب, ومدح الملوك من بني أيوب, ووزراء
تلك الدولة وأكابرها؛ ثم اتصل بخدمة الملك الأشرف مظفر الدين أبي الفتح موسى بن
محمد بن أيوب بن شاذي, فانتظم في سلك شعراء دولته, وسكن نصيبين, وبها مات في
سنة تسع عشرة وستمائة؛ فقال الملك الأشرف عند موته, وكان معجباً بمحاسن شعره, وما
يأتي به من بديع الكلام"مات رب القريض".
أنشدني أبو المجد أسعد بن إبراهيم الكاتب النشابي الإربلي؛ قال: أنشدني أبو
الحسن علي بن محمد بن النبيه المصري لنفسه؛ يمدح الإمام الناصر لدين الله أمير
المؤمنين أبا العباس أحمد- رضوان الله عليه-[من البسيط]
باكر صبوحك أهنا الغيش باكرهٌ ... فقد ترنَّم فوق الآيك طائرهٌ
/١٥٤ ب/ والليل تجري الدَّراري في مجرَّته ... كالرَّوض تطفو على نهر مزاهرهٌ
وكوكب الصُّبح نجَّابٌ على ... يده مخلَّق تملأ الدُّنيا بشائرهٌ
فانهض إلى دوب يا قوت له حببٌ ... تنوب عن ثغر من تهوى جواهرهٌ
حمراء في وجنة السَّاقي لها شبهٌ ... فكم جناه مع العنقود عاصرهٌ؟
ساق تلوَّن من صبح ومن غسق ... فأبيض خدَّاه واسودَّت غدائرهٌ
بيضٌ سوالفه, لعسٌ مراشفه ... نعسٌ نواظره خرسٌ أساوره
مفلَّج الثَّغر, معسول اللما غنجٌ, ... مؤنَّث الخضر, عبل الردف وافرهٌ
كأنَّه بسواد الصُّدغ مكتحلٌ ... أوركبت فوق صدغيه محاجرهٌ
نبيُّ حسن أضلَّته ذوائبه ... وقام في فترة اللأجفان ناظرهٌ