أي: ليس من باب الاشتغال قوله تعالى: {وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ (٥٢) } لعدم صحة تسلط العامل على ما قبله على قاعدة الاشتغال، إذ لو صحَّ لكان التقدير: فعلوا كل شيء في الزبر. وهو فاسد؛ لأنه يقتضي أنهم فعلوا في الزبر - أي صحف الأعمال - كل شيء مع أنهم لم يفعلوا فيها شيئًا، بل الكرام الكاتبون أو قعوا فيها الكتابة، وليس هذا هو معنى الآية، وإنما معناها - والله أعلم - أن كل شيء فعلوه ثابت في صحائف أعمالهم. فيجب رفع (كل) على أنه مبتدأ، وجملة (فعلوه) في محل جر صفة لـ (شيء) والخبر هو الجار والمجرور (في الزبر) .
وكذا ليس من باب الاشتغال (أزيد ذُهِبَ به؟) ببناء الفعل للمجهول، لعدم صدق ضابط الباب عليه. إذ لو سلط العامل على ما قبله على قاعدة الاشتغال لم يَنْصِبْ، لأن الفعل (ذُهِبَ) لا يعمل النصب. لأنه فعل لازم مبني للمجهول، فالجار والمجرور في محل رفع نائب فاعل، ويجب رفع (زيدٌ) على أنه مبتدأ وما بعده خبر. أو على أنه مرفوع بفعل محذوف لأجل الهمزة - التي يكثر دخولها على الفعل - والتقدير: أَذَهَبَ زيدٌ فَذُهِبَ به؟ والأول أرجح لوضوحه وسلامته من التقدير.
[باب في التنازع]
قوله:(يَجُوز في نحْوِ ضَرَبَنِي وَضَرَبْتُ زَيْداً، إعْمَالُ الأوَّلِ واخْتَارَهُ الكُوفيُّونَ، فَيُضْمَرُ في الثَّانِي كُلُّ ما يَحْتَاجُهُ، أَوِ الثَّانِي، واخْتَارَهُ الْبَصْرِيُّونَ، فَيُضْمَرُ في الأوَّلِ مَرْفُوعُه فَقَطْ، نَحْوُ: جَفَوْني ولمْ أَجْفُ الأخِلاَّءَ ... ) .
التنازع: توجه عاملين إلى معمول واحد، نحو: سمعتُ ورأيتُ القارئ. فكل واحد من (سمعتُ) و (رأيتُ) يطلب القارئ مفعولاً به ونحو: ضربني وضربت زيدًا، فالأول يطلب الاسم فاعلاً، والثاني يطلبه مفعولاً.