للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الثاني: أن يكون لفظ التوكيد من ألفاظ الإحاطة والشمول.

وذلك لورود السماع عن العرب كما ذكر المصنف، ولحصول الفائدة؛ لأن التوكيد يفيد النكرة شيئًا من التحديد والتخصيص يُقَرِّبُها من التعريف، فتقول: خرجت إلى الريف يومًا كلَّه، سافرت إلى مكة أسبوعاً جميعَه، تصدقت بدينارِ كلِّه.

بخلاف: عملت زمنًا كَّله، أنفقت مالاً كلَّه، لتخلف الأمر الأول. وبخلاف: عملت يومًا نفسَه؛ لتخلف الأمر الثاني.

[٣- عطف البيان]

قوله: (وَعَطْفُ البَيَانِ، وَهُوَ تَابعٌ مُوَضِّحٌ، أَوْ مُخَصِّصٌ جَامِدٌ غَيْرُ مَؤَوَّلٍ، فَيُوَافِقُ مَتْبُوعَهُ كَأَقْسَمَ بِاللهِ أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ، وَهذَا خَاتَمٌ حَدِيدٌ) .

هذا النوع الثالث من التوابع وهو عطف البيان.

وتعريفه: تابع موضِّح أو مخصِّص، جامد غير مؤول.

وقوله: (تابع) . هذا جنس في التعريف يشمل التوابع الخمسة.

وقوله: (موضح أو مخصص) أي موضح لمتبوعه إن كان معرفة بإزالة ما قد يطرأ عليها من الشيوع، بسبب تعدد مدلولها، أو مخصص له إن كان نكرة بتحديد مدلولها وتقليله، فـ (خالد) و (صالح) و (محمد) معارف، لكن قد يحصل لها شيء من الشيوع بسبب تعدد مدلولها. فلابد من شيء يوضح المراد. ويزيل الإبهام. و (رجل) لفظٌ مدلوله شائع كامل الشيوع فما جاء لتحديده وتقليله فهو مخصص له.

وهذا القيد يخرج التوكيد كـ (جاء الأمير نفسُه) وعطف النسق نحو: قرأت التفسير والحديث، والبدل نحو: قضيت الدين نصفَه. فإنها لا توضح متبوعها ولا تخصصه. فإن وجد التوضيح في البدل والتوكيد فهو غير مقصود بهما بالذات.

وقوله: (جامد) أي في الغالب، وهذا يخرج النعت فإنه يوافق عطف البيان في التوضيح والتخصيص - كما تقدم في بابه - لكنه مشتق.

وقوله: (غير مؤول) أي غير مؤول بمشتق. وهذا يخرج النعت الجامد المؤول بمشتق، كاسم الإشارة نحو: مررت بعلي هذا. أي المشار إليه.

<<  <   >  >>