للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المسألة الثانية: أن النعت كما يَتْبَعُ المعرفة كذلك يتبع النكرة، كما تقدم في بابه، ولا يجوز في ألفاظ التوكيد أن تتبع النكرة، لأنها معارف بالإضافة (١) فلا تقول: جاء رجل نفسه. وقد جاء في قول الشاعر:

(٢) لكنَّهُ شاقه أن قيل ذا رَجَبُ ......يا ليت عدةَ حولٍ كلِّه رجبُ (٢)

حيث أكد الشاعر النكرة. وهي قوله (حول) بـ (كل) ، وحَكَمَ عليه المصنف بأنه نادر. والصحيح جواز توكيد النكرة إذا اجتمع فيها أمران:

الأول: أن تكون النكرة محدودة، وهي: التي تدل على زمن محدود بابتداء وانتهاء معينين، أو على شيء معلوم القدر، كشهر وحول. وأسبوع، ويوم، ودرهم، ودينار.


(١) هذا بالنسبة لألفاظ التوكيد الأصلية وهي النفس والعين وغيرهما. أما ألفاظ التوكيد الملحقة مثل: أجمع وجمعاء وأجمعون. فهي معارف بالعلمية لأن كل لفظ منها هو (علم جنس) يدل على الإحاطة والشمول. لأنها ممنوعة من الصرف والمانع هو تعريف العلمية. وقيل معرفة بنية الإضافة.
(٢) شاقه: أي أعجبه وهيجه. والشوق: نزوع النفس إلى الشيء والمعنى: أنه أعجبه وبعث الشوق إلى نفسه حين قيل له: هذا الشهر هو رجب. وتمنى أن السنة كلها (رجب) لما فيه من الأنس والسرور.
إعرابه: (لكنه) لكن: حرف مشبه بالفعل ينصب الاسم ويرفع الخبر والهاء اسمه. (شاقه) شاق: فعل ماض. والهاء مفعول به (أن قيل) أن: مصدرية. وقيل: فعل ماض مبني للمجهول (ذا رجب) مبتدأ وخبر في محل رفع نائب فاعل. وأن ما دخلت عليه في تأويل مصدر فاعل (شاق) وجملة (شاق) وفاعله خبر (لكن) (يا) للتنبيه أو للنداء والمنادى محذوف. (عدة) اسم ليت (حول) مضاف إليه (كله) كل توكيد لـ (حول) والهاء مضاف إليه (رجب) خبر ليت. وقد ذكر محمد عبد الحميد أن الصواب (رجبا) بدليل الأبيات التي قبل هذا البيت. ويكون الشاعر نصب بـ (ليت) الجزأين معاً (المبتدأ والخبر) أما على رواية النحاة فهو خبر ليت مرفوع.

<<  <   >  >>