للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم ذكر المصنف ما يتعلق بتقوية التوكيد، وأنه يؤكد بـ (أجمع) المفرد المذكر، وبـ (جمعاء) المؤنث (وجمعهما) فجَمْعُ أجمع: (أجمعون) ، وجَمْعُ جمعاء: (جُمَعُ) ولا يؤكد بها في الأكثر (١) إلا بعد (كل) ، فلهذا كانت غير مضافة لضمير المؤكَّد نحو: جاء الجيش كلُّه أجمعُ، قال تعالى: {فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (٣٠) } (٢) . فـ (كلهم) توكيد معنوي لـ (الملائكة) مرفوع مثله، والهاء مضاف إليه والميم علامة الجمع. (أجمعون) توكيد معنوي ثان، مرفوع بالواو وتقول: جاءت القبيلة كلُّها جمعاءُ. وجاءت النساء كلُّهن جُمَعُ.

قوله: (وَهِيَ بِخِلافِ النُّعُوتِ لا يَجُوزُ أَنْ تَتَعَاطَفَ المُؤَكِّدَاتُ، وَلا أَنْ يَتْبَعْنَ نَكِرَةً، وَنَدَرَ: يَا لَيْتَ عِدَّةَ حَوْلٍ كُلِّهِ رَجَبُ) .

ذكر المصنف مسألتين:

المسألة الأولى: أن ألفاظ التوكيد مخالفة للنعوت المتعددة؛ في أن النعوت إذا تعددت جاز الإتيان فيها بالعطف وتركه؛ فتقول: جاء خالدٌ الفقيهُ الكاتبُ الخطيبُ. ويجوز: جاء خالد الفقيه والكاتب والخطيب. بواو العطف، لاختلاف معانيها.

وأما ألفاظ التوكيد إذا اجتمعت (٣) فإنها لا تتعاطف بل تورد متتابعة بدون فصل، فلا تقول: جاء عليٌّ نفسُه وعينُه، ولا جاء القوم كلُّهم وأجمعون. وذلك لأنها بمعنى واحد، والشيء لا يعطف على نفسه.


(١) واستقلالها بدون (كل) قليل قلة نسبية لا تمنع القياس لوروده في القرآن. كقوله تعالى عن إبليس: {لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} .
(٢) سورة الحجر، آية: ٣٠.
(٣) لا يجوز اجتماعها إلا لداع بلاغي. وهو إزالة الاحتمالات إزالة لا تتم إلا بالتعدد. فإن كانت تتم بغيرها فلا داعي لتعدد التوكيد.

<<  <   >  >>