وأما النوع الثاني: من التوكيد المعنوي وهو ما يراد به رفع احتمال إرادة الخصوص بما ظاهره العموم فهو لفظ (كل) نحو: قرأت القرآن كلَّه، فلو لم يؤت بكلمة (كل) لكان من المحتمل أن المراد من المقروء هو الأكثر أو الأقل أو النصف، فلما أردنا رفع هذا الاحتمال زدنا كلمة (كله) .
ولا يؤكد بها إلا بثلاثة شروط:
الأول: أن يكون المؤكَّد بها غير مثنى، وهو المفرد والجمع.
الثاني: أن يكون المؤكد بها جمعاً له أفراد، أو مفرداً يتجزأ بنفسه، أو بعامله، فالأول نحو: حضر الضيوف كلُّهم، والثاني نحو: قرأت الكتاب كلَّه، والثالث نحو: اشتريت الحصان كلَّه؛ لأن الحصان يتجزأ باعتبار الشراء، ولا يجوز: جاء الضيف كلُّه؛ لعدم الفائدة من التوكيد؛ إذ يستحيل نسبه المجيء إلى جزء منه دون الآخر.
الشرط الثالث: أن يتصل بها ضمير عائد على المؤكَّد كما في الأمثلة.
فإن كان المؤكد مثنى فله لفظان:(كلا) للمثنى المذكر، و (كلتا) للمثنى المؤنث، نحو: نجح الأخوان كلاهما، وفازت البنتان كلتاهما، فلولا التوكيد (كلاهما) لكان من المحتمل اعتبار التثنية غير حقيقية، وأن الذي نجح هو أحدهما، ويؤكد بهما المثنى بشروط:
١-أن يصح حلول المفرد محلهما، ليمكن توهم إرادة البعض بالكل كما في المثالين بخلاف: اختصم الزيدان كلاهما، فلا يصح لعدم صحة حلول المفرد محلهما؛ لأن الاختصام لا يكون إلا بين اثنين، ومن النحاة من يجيز ذلك محتجًا بأن التوكيد قد يأتي للتقوية أيضاً لا لرفع الاحتمال فقط.
٢-أن يتخذ معنى المسند إلى المؤكَّد، فإن اختلف المسند لم يصح نحو: مات زيد وعاش بكر كلاهما؛ لأن المسند (مات، وعاش) مختلف معناه.