للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن فقد الشرط الأول وهو: التمام فسيأتي حكمه إن شاء الله، وإن فقد الثاني وهو الإيجاب - بأن اشتمل الكلام على نفي أو شبهه - فلا يخلو من حالتين: -

الحالة الأولى: أن يكون الاستثناء متصلاً، فيجوز فيه وجهان:

الأول: نصبه على الاستثناء.

الثاني: إعرابه بإعراب المستثنى منه، على أنه بدلٌ منه، بدلُ بعض من كل، للمشاكلة في الإعراب، تقول: لا تعجبني الكتبُ إلا النافعُ. بنصب (النافع) على الاستثناء، أو رفعه على أنه بدل من (الكتب) ، وبدل المرفوع مرفوع، ومنه قوله تعالى: {مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ} (١) فقد قرأ السبعة - إلا ابن عامر - برفع (قليل) على أنه بدل من الواو في قوله تعالى: (ما فعلوه) . أما ابن عامر فقد قرأ بالنصب على الاستثناء.

ولم يصرح المصنف - رحمه الله - بالنصب - وهو الوجه الأول - لكنه لما قال: (ترجح البدل) علم منه جواز النصب، لكن الاتباع على أنه بدل أرجح.

الحالة الثانية: أن يكون الاستثناء منقطعًا. فيجب النصب على الاستثناء عند الحجازيين نحو: ما حضر القوم إلا فرسًا. بنصب (فرسًا) على الاستثناء. ومنه قوله تعالى: {مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ} (٢) (٣) فقد قرأ السبعة بالنصب على الاستثناء. وهو استثناء منقطع - على قول الجمهور - لأن اتباع الظن ليس بعضاً من العلم.

ويجوز عند بني تميم اتباعه لما قبله في إعرابه فتقول: ما حضر القومُ إلا فرسٌ. بالرفع على أنه بدل من (القوم) ، وبدل المرفوع مرفوع، والنصب عندهم أرجح.


(١) سورة النساء، آية: ٦٦.
(٢) سورة النساء، آية: ١٥٧.
(٣) ما لهم: (ما) نافية لا عمل لها (لهم) خبر مقدم (به) متعلق بمحذوف حال من (علم) أو من الضمير المستتر في الخبر المحذوف (من علم) من: حرف جر زائد إعرابًا لا معنى. (علم) مبتدأ مؤخر مرفوع بضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد ...

<<  <   >  >>